اخبار

قضية احتجاز جثة شاب درزي في جنين تنكأ جراح أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال

حرّكت عملية احتجاز مقاومين في مخيم جنين، مؤخرًا، لجثة الشاب الدرزي تيران فرو، وعرضهم مبادلته بجثامين شهداء فلسطينيين، المياه الراكدة في قضية جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال سواء تلك المجمدة في ثلاجات الموتى أو المدفونة في “مقابر الأرقام”.


وعلى الرغم من انتهاء هذه القضية بتسليم الجثة إلى الجانب الإسرائيلي دونما مقابل مرئي، إلا أن هذه القضية قد نكأت جراح ذوي هؤلاء الشهداء، وكشفت عن حجم الألم الذي يعيشونه، وجددت مطالبتهم، التي لم تفتر يوما ما، بالإفراج عن جثامين أبنائهم وأقربائهم حتى يتسنى لهم مواراتهم الثرى وفق الشريعة والمعتقدات.

وللدلالة على امعان الاحتلال في سياسة استخدام جثامين الشهداء كوسيلة لتحطيم معنويات أهاليهم وعائلاتهم، فقد أكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون رفضهم القاطع تسليم جثامين أي فلسطينيين محتجزين مقابل جثة الشاب الدرزي التي كانت محتجزة في مخيم جنين.

و على خلفية هذه القضية (احتجاز جثة الشاب الدرزي) جرى خلال الأيام الاخيرة تنظيم العديد من الوقفات في  مدن نابلس وجنين ورام الله للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء، وعدم الكيل بمكيالين بخصوص الجثامين المحتجزة.

وبحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي كانت حتى السابع والعشرين من آب الماضي وهو (اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء) تواصل احتجاز جثامين 358 جثمانًا لشهداء فلسطينيين، بينهم 102 جثمانًا في الثلاجات (هذا الرقم تبدل قليلاً مع الإفراج عن بعض الجثامين واحتجاز أخرى جديدة) و256 جثمانًا في مقابر الأرقام، يضاف إلى ذلك 47 شهيدًا مفقودًا لا يعرف عنهم شيئًا.

 وتؤكد “الحملة الوطنية” أن سلطات الاحتلال تسعى من خلال  المحكمة الإسرائيلية العليا لشرعنة احتجاز الجثامين وإجازة اعتبارها رهائن للمقايضة والتبادل، وهو ما ينطبق عليه تعريف المتاجرة بجثامين الموتى، بكل ما يعنيه ذلك من سقوط قانوني وسياسي وأخلاقي.

وسبق للحملة أن وجهت أكثر من نداء للجنة الدولية للصليب الأحمر للخروج عن صمتها، باعتبارها الراعية لاتفاقيات جنيف الاربع ولقواعد القانون الدولي الإنساني، وتمكين أهالي الشهداء من معاينة جثامين أبنائهم وزيارتها وأداء الصلوات عليها إلى أن يتم تحريرها، معتبرة أن احتجاز الجثامين يشكل خرقًا للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب.

ولفتت إلى أن نسبة كبيرة ممن أعلنت سلطات الاحتلال استشهادهم يمكن تصنيف حالاتهم كمختفين قسرًا، في ظل غياب أي أدلة أو شهود عيان، لا سيما وأن بعضهم شوهدوا أحياء وهم يسيرون على أقدامهم لحظة القبض عليهم.

ومن الأمثلة على ذلك الشهيد بلال رواجبة (29 عاما) من نابلس، والذي كانت قوات الاحتلال قد أطلقت النار عليه بتاريخ 4/11/2020 بزعم اطلاقه النار من مسدس صوب جنود الاحتلال عند  حاجز حوارة  العسكري، جنوب نابلس، وقيل حينها في البداية أنه أصيب بجروح خطيرة، ومن ثم أعلن عن استشهاده.

ولا زالت العائلة تشكك في هذه الرواية من أساسها، والتي مصدرها الوحيد هو الاحتلال.

وتقول مها رواجبة (شقيقة الشهيد بلال) بأنهم لا يعرفون حقيقة ما حصل مع شقيقها، وأنهم غير متيقنين من استشهاده، وأنه لربما كان جريحًا أو أسيرًا، إذ أنه لا يوجد أي جهة رسمية قد أبلغتهم حتى الآن باستشهاده.

وفي رسالة موجهة لوزير العدل ورئيس الفريق الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الدكتور محمد الشلالدة، طالب أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال بعمل ملف كامل لكل شهيد على حدا، وملف يجمع الحالة عمومًا والتوجه به لكل الهيئات الدولية القانونية والإعلامية لتسليط الضوء على هذ الجريمة المعاصرة القديمة المتجددة.

وكان المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، قد دعيا في رسلة وجهاها للمقررين الخاصين التابعين للامم المتحدة لاتخاذ خطوات فعالة فيما يتعلق باحتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين، وأكدا أن مثل هذه الانتهاكات إنما تسلط الضوء على قسوة الممارسة الإسرائيلية المتمثلة في احتجاز الجثامين وفق نمط ممنهج يهدف إلى حرمان الفلسطينيين من حفهم الأساسي في الحزن وتكريم أحبائهم بعد موتهم وفقًا لمعتقداتهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم؛ وأكد المركزان وجوب النظر في هذه القضية من منظور الالتزامات الإسرائيلية في ضمان وحماية هذه الحقوق وليس انتهاكها.

وبحسب المدير العام لمركز القدس للمساعدة القانونية، عصام العاروري، فإن احتجاز جثامين الشهداء يعتبر جريمة مركبة؛ لأنها قد تخفي جرائم محتملة مثل القتل خارج نطاق القانون، فضلاً عن كونها تمنع إمكانية تشريح الجثامين من قبل الطب الشرعي، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه السياسة تنتهك كرامة الموتى وتعتبر بمثابة عقاب جماعي يشمل عائلات الضحايا وقد يصل إلى حد التعذيب.

ويؤكد العاروري أنه طالما غابت مساءلة الاحتلال عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، فمن المرجح أن تزداد هذه الجرائم الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الإحباط واليأس بين الفلسطينيين وهو ما يؤجج العنف والكراهية في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى