اخبار

معركة “فجر الخميس”.. مقاومة جنين المتطورة تستبسل وتربك حسابات الاحتلال

دوت صفارات الإنذار في الساعة الثانية والنصف من فجر الخميس، في مخيم جنين، لتعلن حالة النفير في صفوف مجموعات المقاومة، تزامنًا مع بدء عدوان إسرائيلي جديد، وباستخدام قوة عسكرية كبيرة تجاوزت ال 70 آلية، مدعومة بوحدات المستعربين، إلا أنه لم يكن بحسبان قوات الاحتلال، أن تنجح المقاومة في صد العدوان وحصر العملية العسكرية في أطراف المخيم، ومنعه من التوغل لداخله، وسط اشتباكات عنيفة، أعادت للأذهان مجددًا مشاهد معركة نيسان 2022 الشهيرة.

محاولات اصطياد المقاومين

ومع تكرار حملات الاحتلال الإسرائيلي التي وصفتها المقاومة بالفاشلة، رغم استشهاد العديد من نشطائها، إلا أن المجموعات العسكرية نجحت في تطوير أدائها ميدانيًا وكذلك من خلال تطوير العبوات الناسفة المصنعة محليًا، وتعزيز فرق الرصد، وإجراءات أخرى كوضع المتاريس وغيرها في مختلف أنحاء المخيم، وتقسيم أدوار العمل بين مجموعات مختلف الفصائل، ما زاد من معاناة الاحتلال الذي يجد صعوبات في الدخول والخروج منه، حتى بات يستخدم وحدات المستعربين الخاصة بشكل أكبر في عملياته، والتي باتت المقاومة تنجح في كشفها خلال العديد من المهام لها.

ومع استمرار تعقد المشهد بالنسبة للاحتلال، لجأت قواته إلى سيناريو جديد من خلال العمليات المباغتة السريعة باقتحام بعض المناطق، وهو ما جرى فجر يوم الخميس الماضي – كما يروي شهود عيان لـ “القدس” دوت كوم – حيث تسللت وحدات خاصة تحت جنح الظلام للأحياء الرئيسية المطلقة على المخيم وأزقته، واقتحمت بسرعة وبدون أي ضجيج العمارات السكنية، وداهمت عدة منازل وحولتها لنقاط رصد، ثم بدأت عملية الاقتحام العسكري الميداني العلني، في محاولة لخداع المقاومين وإخراجهم من المخيم للمناطق والشوارع المكشوفة، ليكونوا في مرمى القناصة الذين يحاولون باستمرار اصطياد المقاومين.

جهوزية المقاومة

ويقول متحدث باسم كتائب شهداء الأقصى – لواء الشهداء، إن مجموعات الرصد التابعة للمقاومة تمكنت من اكتشاف تحرك الوحدات الخاصة خلال تسللها، وكان هناك يقين لدينا أن هناك عملية قادمة، وكان هدف هذه الكمائن محاولة جرنا إلى خارج المخيم والوقوع في مرمى رصاص القناصة، مشيرًا إلى أن الأهالي ساعدوا في كشف تلك الكمائن، وبدأت المجموعات المختلفة الاستعداد للمواجهة المباشرة والتي استمرت حتى انسحاب آخر دورية عسكرية، تحت نار المقاومين الذين تصدوا لتلك القوات بإرادة ومعنويات عالية لسد أي ثغرة ومنعهم من التسلل لأي منطقة حساسة.

فيما قال المتحدث باسم “كتيبة جنين” التابعة لسرايا القدس، “كان لدينا توقعات دائمة بوقوع هجوم كبير على المخيم، ورغم اختلال موازين القوة إلا أن لدينا جاهزية دائمة لصد أي عدوان، وفي المواجهة الأخيرة ورغم عدد القوات الكبيرة المشاركة، والقناصة، إلا أننا لم نتراجع والتزمنا بقرار المواجهة، وأفشلنا خطة الاحتلال، وكان هناك وحدة ميدانية لكافة الأجنحة العسكرية والتي خاضت معركة شرسة، منعت من خلالها الاحتلال للوصول لقلب المخيم”.

فشل جديد

ويروي المواطن خالد حسين، أن الوحدات الخاصة تسللت سريعًا وداهمت جميع الشقق السكنية في العمارة التي يقطن فيها والمطلة على أهم مداخل المخيم، مشيرًا إلى أنهم احتجزوه وعائلته في “المطبخ” وصادروا أجهزتهم الخلوية ومنعوهم من التحرك، وتوزع الجنود على النوافذ المطلة على المخيم.

وتتوقع مصادر المقاومة، أن عملية اغتيال المقاوم أدهم جبارين، والمعلم جواد بواقنة كانت برصاص قناص من إحدى العمارات المطلة على المخيم التي تمركزت فيها القناصة.

وعلى الرغم من هذا المشهد، إلا أن الاحتلال فشل في تنفيذ خطته وإخراج المقاومين من مواقعهم، وسط اشتداد الاشتباكات، ووصول مزيد من التعزيزات العسكرية، وتحليق الطائرات بدون طيار وغيرها، فيما وثق المقاومون عمليات استهدافهم للاحتلال بالرصاص والعبوات الناسفة والتي أدت لإصابة جنديين كما أعلن الاحتلال لاحقًا.

معركة نيسان تتكرر

ووصف أحد المحررين الذين شاركوا في معركة نيسان 2002، ما جرى في فجر الخميس، بأنه قتال واستبسال بطولي جسدته وحدة البنادق في ميدان المواجهة والاشتباك المباشر، ما أربك حساسات الاحتلال، مشيرًا إلى أنه عاش تلك اللحظات في المعركة الشهيرة، معتبرًا أن تكرار المشهد يمثل ضربة وصفعة كبيرة للاحتلال بعد أن أفشلت المقاومة مخططه بفتح ثغرة في خاصرة المخيم للوصول للمقاومين الذين أثبتوا قدرتهم على المقاومة والصمود.

اللحظات الأخيرة للمعركة

بعد ساعة ونصف من الاشتباكات ودون أن ينجح الاحتلال بالتقدم داخل المخيم، تحركت مجموعة من المقاومين نحو الساحة الرئيسية، فيما تمكن المقاوم أدهم جبارين بالتسلل لموقع متقدم، لكن قناص إسرائيلي باغته فوقع مضرجًا بدمائه على بعد مترين من منزل المعلم جواد بواقنة، الذي سمعت ابنته “آلاء” صوت استغاثة جريح، فساعت للخروج مع والدها وشقيقها لنجدته، وخلال سحبه لمنزلهم في ظل منع الاحتلال لطواقم الإسعاف من الحركة، وقع والدها فوق جبارين بعد إصابته من قبل القناص ذاته، حتى تمكن مواطنون من نقلهما إلى المستشفى وأعلن عن استشهادهما لاحقًا.

بعد انتهاء العملية، أعلن الاحتلال عن اعتقال 3 مواطنين، ويقول المحرر خالد أبو زينة لـ “القدس” دوت كوم، أنه تم اعتقال اثنين من أبنائه، نافيًا أنباء ترددت عن اعتقاله في تلك العملية التي قال إنها لم تستهدفه لأنه ليس مطلوبًا، معتبرًا اعتقال أبنائه جزء من الحملة التي تستهدف كل فلسطيني، خاصة وأن الاحتلال يريد أن يحول حياة الكل إلى سجن صغير.

فيما قال متحدث باسم المقاومة، إن ما حدث بمثابة خطة وبروفة من الاحتلال لرصد ومتابعة كل ما يجري في ساحة الميدان، للتحضير لهجوم أكبر وأوسع في ظل الفشل الذريع والمتواصل لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي لم تعد تغمض عيونها عن رصد وملاحقة كل حركة في المخيم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى