اخبار

احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء.. تعذيب للأحياء!

لا أحد يتفنن باحتجاز جثامين الشهداء بعد قتلهم سوى دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي باتت تعذب ذويهم ومحبيهم كعقوبة جماعية لهم تعذب الأحياء وليس الشهداء، بل إنها أصبحت تستخدم هذه السياسة خلال السنوات الأخيرة، كورقة ابتزاز سياسي.


الأمنية الصعبة!

بطريقة لا يتخيلها عقل إنسان، حولت دولة الاحتلال الإسرائيلي مشاعر أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم إلى أن يتمنون دفن أبنائهم بأيديهم، في وجع كبير، كما يؤكد ذويهم، وباتت تلك الأمنية تشل تفكيرهم.

يقول عبد الإله جرار والد الشهيد نور من مدينة جنين، حيث احتجز الاحتلال جثمان نور قبل نحو عام ونصف في حديث لـ”القدس” دوت كوم : “لقد دفعنا الاحتلال لأن تصبح قضية دفن جثمان ابنك أمنية لنا، فقضية احتجاز جثامين أبنائنا شلت تفكيرنا”.

يتساءل جرار، “إن أي إنسان لا يحب أن يدفن ابنه، لكن ذلك الأمر أصبح بواقعنا الفلسطيني أمنية، كل يوم يمر وأبناؤنا محتجزون يشكل لنا معاناة، وأصبح التفكير والأمنية بمواراتهم الثرى!”.

يعيش أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم، بحسب جرار، الغصة والألم مرتين؛ مرة باستشهاد أبنائهم، ومرة بالألم المتجدد بحرمان الأهالي احتضان أبنائهم بعد استشهادهم ثم دفنهم، لكن الأهالي يحاولون رغم قساوة الواقع أن يصبروا أنفسهم.

ابتزاز غير أخلاقي

وتحمل سياسة احتجاز جثامين الشهداء التي تمارسها دولة الاحتلال بعدًا غير أخلاقي، وفق ما يؤكده مدير مركز إعلام وحقوق الإنسان “شمس” د. عمر رحال: “إن الأمر تعدى البعد السياسي والقانوني، فمن يحمل هذا التوجه مجرد من كل القيم الإنسانية والأخلاقية”.

ويتابع رحال في حديث لـ “القدس” دوت كوم، “كما أن دولة الاحتلال تمارس من خلال هذه السياسة باحتجاز الجثامين، بعدًا عنصريًا تهدف منه الضغط على أسر الشهداء الأسر وإرهابهم وتخويفهم، وتعذيبهم نفسيًا، في سياق العقوبات الجماعية، وتعذيب أهاليهم الأحياء”.

ويقول رحال: “إن دولة الاحتلال تعرف أهمية الجثامين بالنسبة للناس وخاصة المسلمين لما تحمله من قدسية وتكريم ديني ووجوب دفنها بما يليق بها، لذا تحاول ابتزاز الأهالي، وكذلك تحاول استخدام الجثامين كورقة سياسية في سياق أية عمليات تبادل أو ما تسميه (حسن النوايا)، في مقابل فإن إسرائيل ووفق ما تمليه عليها الشريعة اليهودية، فإنه مطلوب إن تم احتجاز جثمان إسرائيلي بذل قصارى الجهد لتحرير الجثمان”، مؤكدًا أن “القانون الدولي أوجب على الدولة المحتلة في حال قتل شخص أن يتم تسليم جثمانه إلى دولته وذويه لدفنه استناداً إلى المعتقدات والشعائر الدينية”.

جهود لا بد منها

منذ نحو 15 عامًا، و”الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء” والتي أطلقها مركز القدس للمساعدة القانونية، تواصل جهودها قانونيًا وبفعاليات مختلفة، محليًا وعربياً ودولياً لاسترداد جثامين الشهداء، لكن الحملة بحسب د.عمر رحال، بحاجة إلى توسيع وتطوير وماسسة ضمن هيئة وطنية عامة، تتبع منظمة التحرير الفلسطينية.

يقول رحال: “إن هذه الهيئة المطلوب تطويرها والإعلان عنها كمؤسسة لها استقلاليتها، ولها مقر، وتكون ذات استقلال مالي وإداري، ولها قانون ينظم عملها، ويجب أن يكون لها مجلس إدارة يضم (ممثلين عن القوى والمجتمع المحلي، وأكاديميين، وقانونيين، وخبراء في علم الاجتماع، وعلم النفس، وسياسيين، ودبلوماسيبن، وإعلاميين”.

ويتابع رحال، “كما يجب أن يكون عمل هذه الهيئة ليس مرتكزًا فقط محليًا، بل يجب الانطلاق الدولي بها، كما  يجب أن يرتكز عملها على المستوى القانوني، والسياسي، والرأي العام الدولي، لفضح تلك الانتهاكات، ومطالبة العالم بالضغط على الاحتلال لتسليم جثامين الشهداء لذويهم، ومن الذروري أن لا نقبل فلسطينيًا بتسليم الجثامين كورقة مساومة وابتزاز سياسي يستخدمها الاحتلال أو لما يسميه (حسن النوايا)”.

ويشدد رحال على ضرورة التوجه لمجلس الأمن من أجل استصدار قرار يجبر دولة الاحتلال بتسليم جثامين الشهداء المحتجزين بمقابر الأرقام والثلاجات بمن فيهم الأسرى الشهداء، ويجب أن يشمل القرار إجبار إسرائيل على عدم استخدام سياسة احتجاز جثامين الشهداء في المستقبل، باعتبار أنها عقوبات جماعية على أهاليهم.

يقول رحال: “إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تنفذ سياسة احتجاز جثامين الشهداء خاصة بمقابر الأرقام، وهي تخرق القانون الدولي الإنساني، إذ إن من يتوفون بالأسر يجب أن يدفنوا باحترام وفقاً لشعائرهم الدينية ومقابرهم تحترم وتصان”.

وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين المحتجزين لدى قوات الاحتلال 387 شهيدًا، بينهم 13 أسيرًا، ومن بين مجموع الشهداء المحتجزين منذ عام 2015 في ثلاجات الاحتلال، 131 شهيدًا، و256 قبل ذلك العام، في مقابر الأرقام.

يشار إلى أنه منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، بلغ مجموع الشهداء برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين (81 شهيداً)، بينهم 15 شهيداً من الأطفال، وشهيدة من السيِّدات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى