بلومبيرغ: الانسحاب الأمريكي من أفغانستان سيترك أثاراً مزلزلة إقليمياً ودولياً
واشنطن: حول مضاعفات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، كتب روث بولارد في موقع بلومبيرغ الأمريكي، إن التمدد قد بدأ فعلاً، حتى قبل أن تصل طالبان إلى كابول.
وبينما تسقط مدينة تلو أخرى في أيدي المتمردين الإسلاميين فإن هؤلاء يقتربون من العاصمة. وسيتجه الأمر نحو الاسوأ بينما النزاع يتوسع إلى ما وراء الحدود.
هناك قلق من احتمال تدفق المقاتلين الأجانب مجدداً على أفغانستان من أنحاء العالم
ولفت إلى إن المجموعات الجهادية التي تتمركز في البلاد، وبعضها يحمل أفكاراً عابرة للحدود مثل “القاعدة”، ستبدأ التفكير في إلحاق الهزيمة بحكومات مدعومة من قوى رئيسية وقد تشجعت بالتقدم السريع لطالبان.
ويحدث ذلك في الوقت الذي تتعرض الحركات الجهادية، للمرة الأولى منذ عقدين، لأقل ضغط في ميدان مكافحة الإرهاب، مما يمنح هذه الحركات حرية في النشاط.
وحذر الخبير في أمن جنوب آسيا لدى المعهد الأمريكي للسلام أسفنديار مير، من أنه سيكون ثمة اتحاد خطير عندما تتصاعد التهديدات بينما تتراجع الجهود المبذولة لمكافحتها.
وأضاف أن “جهاديي آسيا الوسطى بدأوا في عرض عضلاتهم، إذ هاجم جهاديون معادون للصين رعايا صينيين في باكستان، كما أن المزيد من العنف الإقليمي قد يبدو أمراً وارداً إلى حد كبير-إن التهديد متواصل، ونحن نتحدث عن تصعيد من الآن فصاعداً”.
إن انهيار الجمهورية الأفغانية عقب الرحيل الأمريكي سيترك تداعيات مماثلة لمرحلة ما بعد الغزو عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أو انسحاب القوات السوفياتية وسقوط النظام الشيوعي الموالي لموسكو. وقال مير “إن هذا بمثابة انتقال مزلزل من شأنه تغيير السياسات في هذا الجزء من العالم” وسيكون من الصعب التنبؤ بمآلاته.
ومن المتوقع أن يحل الخطر الفوري إقليمياً -في جنوب آسيا وفي آسيا الوسطى-لأن الجغرافيا والإمكانات تحد من الضرر الأولي.
وسبق للمصالح الصينية في باكستان أن تعرضت لضربات.
ففي أبريل (نيسان)، انفجرت عبوة ناسفة في فندق فخم كان يستضيف السفير الصيني في كويتا ليس بعيداً عن معاقل طالبان في جنوب أفغانستان.
وتبنت الهجوم حركة تحريك طالبان باكستان، وهي عبارة عن تنظيم إرهابي فضفاض على علاقة بتنظيم “القاعدة”، ينتشر على طول الحدود الأفغانية-الباكستانية.
والشهر الماضي، انفجرت عبوة ناسفة بباص كان في طريقه إلى مشروع سد هيدرو-كهربائي في داسو قرب الحدود الباكستانية مع الصين، مما أسفر عن مقتل 12 شخصاً بينهم تسعة من الرعايا الصينيين.
ولم تعلن أي جهة المسؤولية، لكن بكين كانت قلقة جداً بحيث أنها استضافت ممثلين عن طالبان أجروا مباحثات مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
والخطر يتهدد مشاريع استثمار صينية في باكستان مقدارها 60 مليار دولار، كجزء من مبادرة “الحزام والطريق” للرئيس الصيني شي جين بينغ، فضلاً عن مصالح صينية مهمة في المناجم داخل أفغانستان.
وبينما هذه ليست الزيارة الأولى لطالبان إلى الصين، فإن مستوى التمثيل الصيني فيها كان غير مسبوق، وكان بمثابة رسالة علنية مفادها أن بكين تعترف بالحركة كقوة سياسية شرعية، وفق ما لاحظ مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون للأبحاث يون سون.
وما تريده الصين في المقابل هو أن تفي بوعدها على صعيد قطع كل علاقاتها مع التنظيمات الإرهابية، ومنها “حركة تحرير تركستان الشرقية الإسلامية” (وهي تنظيم تنسب بكين إليه الاضطرابات في منطقة شينجيانغ والتي شطبتها الولايات المتحدة من لائحة التنظيمات الإرهابية في أكتوبر بعدما قالت إنها لا تملك دليلاً على استمرار وجودها).
وأي هجمات جديدة على رعايا صينيين يعملون في جنوب آسيا، سواء تبنتها طالبان أو نفذت بمباركتها، ستؤثر بلا شك على العلاقات المستقبلية، على رغم أنه من غير الواضح كيف سترد الصين.
إن الخطر يحدق خصوصاً بالدول الست التي تجاور باكستان. وفضلاً عن الصين، تشمل هذه الدول إيران وباكستان وكذلك الهند القريبة، التي ستراقب عن كثب ولاية كشمير ذات الغالبية المسلمة، التي كانت سبباً لتفجر حربين مع باكستان، خوفاً من لجوء المتمردين إلى العنف.
وستكون روسيا قلقة من التأثير على أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان، وحيال أي هجمات إرهابية على أراضيها.
وهناك قلق من احتمال تدفق المقاتلين الأجانب مجدداً على أفغانستان من أنحاء العالم. ويوجد الآن متمردون من دول أخرى هناك، لكن معظمهم من دول مجاورة.
وعندما يبدأ هؤلاء بالقدوم من أماكن أبعد، فإن ذلك يزيد من احتمال حصول هجمات على نطاق أوسع في العالم.