فورين بوليسي: نتنياهو رحل لكن أفكاره لا تزال سائدة.. وبينت مستعد لتقديم مبادرات للفلسطينيين
كتب ستيفن كوك، وهو زميل أول لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية، مقالاً نشرته مجلة فورين بوليسي، الخميس، 2 أيلول 21، تحت عنوان “نتنياهو رحل، ولكن أفكاره لا تزال سائدة”، استهله مشيرا إلى أنه كان هناك ارتياحا واضحا في واشنطن، وخاصة بين الديمقراطيين، عندما لم يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومة في شهر أيار الماضي، ما أفسح المجال لمجئ رئيس الوزراء الجديد، نفتالي بينيت، “وقد أثبتت زيارة بينيت إلى واشنطن الأسبوع الماضي أن مشكلة العلاقات الأميركية-الإسرائيلية كانت تكمن بالرسول، وليس في الرسالة”.
ويشرح الكاتب “بخلاف العزم على عدم الاصطدام مع أي شخص مسؤول في الإدارة الأميركية، من الصعب تمييز أي اختلافات جوهرية في السياسة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بينيت، وسلفه، نتنياهو؛ وهو ما يثير سؤالين: هل عقيدة نتانياهو مستمرة بعد رحيله؟ وهل يمكن لها النجاح دون نتنياهو نفسه؟”
ويوضح الكاتب أن إجابة السؤال الأول هي “أجل”، والسؤال الآخر هي “من المحتمل جداً”. إذ يتمتع بينيت، الذي كان مستشار نتنياهو قبل خلافه معه في عام 2008، بوجهة نظرة عالمية لمستقبل ستجعل فيه قوة إسرائيل العسكرية والتنمية الاقتصادية والمعرفة التكنولوجية البلاد جزءاً لا يتجزأ من المنطقة في شراكة مع دول عربية مهمة مثل مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمغرب، وحتى المملكة العربية السعودية في الوقت المناسب”.
ومن الناحية العملية، يستمر الكاتب قائلا ” يعني هذا تعميق وتوسيع اتفاقيات أبراهام التي طبعت علاقات إسرائيل مع العديد من هذه الدول. وفيما يتعلق بإيران، يعارض بينيت الاتفاق النووي وعزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على التفاوض بشأن “اتفاقية أطول وأقوى” مع الإيرانيين. كما يعارض بينيت إقامة دولة فلسطينية ويريد بناء مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية؛ ويُعد رئيس الوزراء من دعاة “السلام الاقتصادي” كوضع نهائي للعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، “ولا شك في أن هذه المواقف مألوفة لأنها لا تختلف عن سياسات نتنياهو. ورغم أن أجندة بينيت هي في الأساس أجندة نتنياهو -والتي تتعارض مع السياسة الأميركية- فقد أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن دعمه الحماسي للزعيم الإسرائيلي الجديد وأكد مجدداً على “الشراكة التي لا تتزعزع” بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويقول كوك “يشير المحللون إلى أن الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لا يريدان عودة نتنياهو، ولذا فهما عازمان على عدم منحه أي فرصة لمهاجمة كيفية تعامل خليفته مع أهم علاقة لإسرائيل.
ويفسر الكاتب “ولكن بطريقة ما، لم يغادر نتنياهو المشهد قط – وهذا يؤكد أن اللهجة قد حلت محل الجوهر في هذه العلاقة الثنائية. إذ يعارض بينيت سياسة بايدن المميزة في الشرق الأوسط بقدر ما يعارضها نتنياهو، لكنه مصمم على أن يكون أكثر ودية حيال ذلك حتى بينما يوضح أن إسرائيل ستستمر في خوض حرب الظل مع إيران. ولا تحيد آراء بينيت حول الفلسطينيين عن وجهة نظر نتنياهو، التي تتعارض مع السياسة الأميركية المعلنة”.
ويقول الكاتب “ومع ذلك، يبدو رئيس الوزراء على استعداد لتقديم مبادرات للسلطة الفلسطينية، وفي المقابل، أكد بايدن دعمه للتطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة، كما أعرب الرئيس عن ثقته في أن طلب إسرائيل بأن تكون جزءاً من برنامج الإعفاء من التأشيرة “سيُلبى”. وإذا كانت التقارير دقيقة عن طلب بينيت مساعدة عسكرية إضافية -بما في ذلك تجديد مخزون نظام القبة الحديدية الإسرائيلي وكذلك الطائرات الحربية وغيرها من المعدات- فليس هناك شك في أن البيت الأبيض سيلبي الطلب”.
ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن “الزعيم الإسرائيلي (بينيت)، غادر واشنطن يوم الأحد الماضي بعد أن أنجز ما شرع في القيام به: فقد أجرى لقاءاً دافئاً مع رئيس الولايات المتحدة، الذي تحدث عن “التزام واشنطن الثابت… بأمن إسرائيل” دون التخلي عن أي شيء أو تغيير سياساته تجاه إيران أو الفلسطينيين أو المنطقة بشكل أوسع. وبذلك، عزز رئيس الوزراء الإسرائيلي أجندة نتنياهو دون كل السمية والمرارة التي اشتملت عليها العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك. وبعبارة أخرى، يبدو حتى الآن أن عقيدة نتنياهو يمكن أن تزدهر بدون نتنياهو”.