إسرائيل تحشد الطاقات لإزالة شركة تجسس “NSO” من اللائحة الأميركية السوداء
باشرت إسرائيل على الفور إثر وضع مكتب الصناعة والأمن بوزارة التجارة الأميركية مؤخراً شركة “إن إس أوه جروب” -وهي شركة إسرائيلية للاستخبارات والأمن السيبراني- إلى قائمته للكيانات الخاضعة لقيود تجارية والتي يُنظر إليها على أنها تهدد الأمن القومي الأمريكي أو مصالح السياسة الخارجية الأمريكية، في تجميع كل ما لديها من أثر في العاصمة الأميركية للضغط على إدارة بايدن شطب الشركة من اللائحة السوداء.
وتتحجج أجنحة اللوبي الإسرائيلي المتعددة في واشنطن، بأن إدراج إس.إن.أو ، “يضع ضغطاً كبيراً على العلاقة التقليدية الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.
ويتصدر نشاطات الضغط المكثف على البيت الأبيض اللوبي الإسرائيلي “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات- إف.دي.دي FDD، التي أوجدها الجيش الإسرائيلي عام 2001 في أعقاب هجمات 11 أيلول الإرهابية، لانتهاز الفرصة والترويج للرواية الإسرائيلية في أعقاب الضربة القوية التي وجهت للعرب وصورتهم في الولايات المتحدة، حيث تظهر الوثائق الأولية المقدمة للحصول على حالة الإعفاء الضريبي في دائرة الإيرادات الداخلية ، صرحت إدارة الدفاع عن الديمقراطية أن مهمتها “كانت توفير التعليم لتعزيز صورة إسرائيل في أمريكا الشمالية وفهم الجمهور للقضايا التي تؤثر على العلاقات الإسرائيلية العربية”. ووصفت وثائق لاحقة مهمة المؤسسة بأنها “لإجراء البحوث وتوفير التعليم حول الإرهاب الدولي والقضايا ذات الصلة”.
فيما تتصدر منظمة اللوبي الإسرائيلي الأقوى، إيباك، إلى جانب “اللجنة الأميركية اليهودية” المساعي في الكونجرس الأميركي.
وقد صرحت وزارة الدفاع الإسرائيلية الأسبوع الماضي بأنها ستضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإزالة الشركة من القائمة على الرغم من المزاعم الجديدة باستخدام حكومات أجنبية لبرامج طورتها الشركة لاستهداف صحافيين ومعارضين وناشطين.
وتطور الشركة تقنيات للوكالات الحكومية، ويُطلق على أبرز برامجها للتجسس من الدرجة العسكرية اسم “بيغاسوس”. وتدافع الشركة بشدة عن منتجها، مدعيةً أنه كان يهدف إلى منع الجرائم التي كانت تقليدياً غير مرئية بالنسبة للسلطات الأمنية بسبب التشفير التام والتحقيق فيها. ومع ذلك، تُظهر الأدلة المتزايدة أن الشركة زودت حكومات أجنبية ببرنامج التجسس الذي استخدمته بعد ذلك لتنفيذ ما اعتبرته وزارة التجارة الأميركية “قمعاً عابراً للحدود الوطنية”.
يذكر أنه في أواخر عام 2020، عقدت منظمة صحافة غير ربحية مقرها باريس تدعى “الروايات المحظورة Forbidden Stories ” شراكة مع منظمة العفو الدولية لإصدار قائمة أهداف تضم 50 ألف رقم هاتف. وتركزت أرقام الهواتف هذه في البلدان التي هي عملاء للشركة الإسرائيلية ولديها سجل بمراقبة مواطنيها. ويربط مشروع بيغاسوس، وهو تحقيق نشرته 17 هيئة إعلامية في 10 دول في تموز 2021، 37 رقم هاتف بمحاولة تجسس على صحافيين ونشطاء ومعارضين ومقربين منهم.
فعلى سبيل المثال، وجد المشروع أن برنامج التجسس استهدف أفراداً مقربين من جمال خاشقجي، الصحافي السعودي وكاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست الذي قُتل بوحشية على أيدي عملاء للحكومة السعودية أثناء وجوده في قنصليتهم بإسطنبول. وشملت الأهداف نجل خاشقجي وأصدقائه والمدعي العام التركي المسؤول عن التحقيق في مقتله، كما اُستهدفت خطيبة خاشقجي في الأيام التي أعقبت مقتله.
وفي الآونة الأخيرة، ذكرت وكالة أسوشيتد برس الإخبارية أن فرونت لاين ديفندرز، وهي منظمة حقوقية مقرها أيرلندا، عثرت على برنامج بيغاسوس على هواتف محمولة تخص ستة نشطاء فلسطينيين ينتمي ثلاثة منهم إلى جماعات صنفها وزير الدفاع الإسرائيلي بشكل مثير للجدل على أنها منظمات إرهابية مع القليل من الأدلة. وفي يناير 2020، أصدرت الأمم المتحدة تقريراً خلص إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استخدم على الأرجح برنامج بيغاسوس لاختراق هاتف رجل الأعمال جيف بيزوس في عام 2018 “في محاولة للتأثير في، إن لم يكن إسكات، تقارير صحيفة واشنطن بوست عن المملكة العربية السعودية”.
وفي الأسبوع الماضي، رفضت محكمة الاستئناف الأميركية التاسعة أيضاً منح حصانة سيادية أجنبية لشركة إن إس أو جروب، ما يعني أنه يمكن لشركة “واتس آب” مقاضاة الشركة على دور بيغاسوس المزعوم في استهداف 1400 جهاز تابع لـصحافيين ومعارضين من خلال استغلال تطبيقها للمراسلة. وقبل أسابيع قليلة من إصدار الأمم المتحدة لتقريرها المتفجر، تعاقدت الشركة الإسرائيلية مع شركة ميركوري للشؤون العامة، وهي شركة إستراتيجية عالمية في العاصمة الأميركية واشنطن، لتحسين صورتها. ومقابل 120 ألف دولار فقط شهرياً، ستقدم شركة ميركوري للشؤون العامة مشورات بشأن علاقات الشركة العامة ومع وسائل الإعلام والحكومات.
وأفادت تقارير أنه منذ بداية شهر كانون الثاني 2020 وحتى وقت سابق من هذا الشهر عندما قطعت شركة ميركوري للشؤون العامة علاقاتها بالشركة الإسرائيلية، رُصدت 99 مادة إعلامية نشرتها الشركة الدعائية نيابة عن إن إس أوه جروب وممارساتها التجارية. وفي شهر تموز الماضي وحده، وقت إطلاق مشروع بيغاسوس، أصدرت شركة ميركوري للشؤون العامة 14 بياناً منسوباً إلى شركة إن إس أو جروب. وتراوحت لهجة هذه البيانات من الغضب المروع من الانتهاكات المزعومة إلى الازدراء الحاد للتحقيق.
وقد كشفت وكالة أسوشيتد برس الإخبارية الأسبوع الماضي أن منظمة فرونت لاين ديفندرز عثرت على برنامج بيغاسوس على هواتف النشطاء، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية حملتها لإقناع إدارة بايدن بأن بيغاسوس هو أداة حيوية للأمن القومي.
وتريد إسرائيل من وزارة التجارة الأميركية إزالة الشركة من قائمة الكيانات وذكرت أن وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي تشرف على ترخيص البرنامج، ستشدد الرقابة على الوكالات الحكومية التي يمكنها الوصول إلى بيغاسوس. وادعت وزارة الدفاع إنها لا تعرف من استخدم البرنامج لاستهداف هواتف الفلسطينيين، ورفضت الشركة تأكيد من استخدم البرنامج وأصرت على عدم تمكنها من الوصول إلى معلومات حول الأهداف المزعومة.
وأكد مصدر طلب عدم ذكر اسمه أن “على الأرجح أن تبوء محاولات إسرائيل لشطب إن. إس.أو من اللائحة السوداء، بالفشل، فإن المسؤوليين الأميركيين المعنيين بهذا الموضوع يشتطون غضبا ، ويشعرون بالصدمة من هذا العمل الإسرائيلي الفاضح…على الأقل في المدى القصير. لكن ممكن أن يتم شطبها من اللائحة السوداء في المدى البعيد”