رويترز: لماذا يعارض ساسة لبنان وحزب الله التحقيق في انفجار مرفأ بيروت
من المقرر استئناف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع العام الماضي، بعد أن رفضت إحدى المحاكم آخر الدعاوي القضائية التي أدت إلى تعليق التحقيق لأكثر من شهر.
وواجه التحقيق في الانفجار -أحد أكبر التفجيرات غير النووية التي تم تسجيلها في العالم- مقاومة من نظام سياسي تكرس فيه الإفلات من العقاب منذ نهاية الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وفيما يلي بعض المعلومات حول المواجهة:
ما الذي يحقق فيه القاضي؟
تسبب الانفجار الناجم عن مواد كيماوية كانت مخزنة في المرفأ لأكثر من ست سنوات في مقتل أكثر من 215 شخصا وإصابة الآلاف وتدمير مساحات شاسعة من بيروت.
يريد القاضي طارق البيطار (47 عاما) استجواب عدد من كبار السياسيين والمسؤولين الأمنيين.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن مسؤولين أمنيين وحكوميين رفيعي المستوى “توقعوا وجود خطر كبير على الحياة … وتقبلوا ضمنا خطر وقوع قتلى”.
وحصلت جهود البيطار على دعم العديد من اللبنانيين الذين عبروا عن رفضهم لعقود الفساد وسوء الإدارة بلا رادع.
من الذي يريد القاضي استجوابه؟
بعض الناس الذين يتمتعون بنفوذ قوي للغاية.
ومن أبرز هؤلاء وزير المالية السابق علي حسن خليل، الذراع اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحليف جماعة حزب الله المدعومة من إيران، واللواء عباس إبراهيم رئيس جهاز الأمن العام في لبنان.
كما سعى القاضي إلى استجواب حسان دياب، الأكاديمي الذي كان رئيسا للوزراء وقت الانفجار.
وقد يواجه الكثير منهم عقوبات بالسجن إذا أدينوا بالإهمال أو التسبب في وقوع قتلى، على الرغم من أن لبنان ليس لديه سجل حافل في محاسبة الأشخاص ذوي المناصب العليا.
وينكر الكل ارتكاب أي مخالفات.
كيف يتم عرقلة جهود البيطار؟
سعى القاضي إلى استجواب عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين، لكن المشتبه بهم جميعا رفضوا بحجة أنهم يتمتعون بالحصانة أو أنه لا يملك السلطة لذلك.
وظهرت مقاومة قرارات القاضي في المحاكم والحياة السياسية وفي الشوارع.
وعمد المشتبه بهم إلى مقارعة البيطار أمام المحاكم بأكثر من عشرين دعوى قانونية تسعى لتنحيته بسبب مزاعم التحيز و”الأخطاء الجسيمة” مما أدى إلى تعليق التحقيق عدة مرات.
ويقول الوزراء السابقون إن أي قضايا ضدهم يجب أن تُنظر فيها محكمة خاصة لرؤساء ووزراء.
ولم تحاسب تلك المحكمة قط مسؤولا واحدا، وستنقل السيطرة على التحقيق إلى الأحزاب الحاكمة في البرلمان، وهو ما قد يبدد آمال المساءلة على الأرجح.
كما ظهرت الحساسيات الطائفية أيضا.
وأثار التحرك ضد دياب على سبيل المثال اعتراضات من الزعماء السياسيين والدينيين السنة، الذين قالوا إنه كان محاولة لاستهداف منصب رئيس الوزراء وهو منصب مخصص للسنة في النظام السياسي الطائفي في لبنان.
لماذا يهتم حزب الله؟
لم يتهم البيطار أيا من أعضاء حزب الله المعروفين، وهي الجماعة الشيعية التي لها نفوذ سياسي قوي وميليشيا تمتلك ترسانة كبيرة من السلاح. لكن تصرفات القاضي بما في ذلك محاولاته لاستجواب شخصيات قوية متحالفة مع حزب الله كمشتبه بهم دفعت الجماعة إلى اتهامه بالتحيز.
وفي سبتمبر أيلول بعث مسؤول كبير في حزب الله برسالة الى البيطار يحذره فيها من أن الجماعة “ستقبعه”، أي ستقصيه عن التحقيق.
وضغط حزب الله وحلفاؤه من أجل عزل البيطار عن طريق السلطة التنفيذية، مما أثار خلافا أصاب الحكومة بالشلل.
ودعا حزب الله، إلى جانب حلفائه، إلى مظاهرة ضد البيطار في أكتوبر تشرين الأول ما لبثت ان تحولت إلى أعمال عنف مميتة.
واتهم حزب الله الولايات المتحدة، التي تصنف الجماعة على أنها منظمة إرهابية، بالتدخل في التحقيق. لكن السفيرة الأمريكية في بيروت نفت ذلك.
ونفى حزب الله الاتهامات التي وجهت إليه وقت الانفجار بأنه كان لديه مستودع أسلحة في المرفأ، وقال إنه لا علاقة له بالانفجار. ولطالما اتهمه خصومه بالسيطرة على المرفأ- وهو ما ينفيه الحزب أيضا.
ماذا على المحك؟
أي أمل بالمساءلة.
بالنسبة إلى دعاة الإصلاح، فإن الخلاف حول التحقيق جزء من صراع أوسع حول سيادة القانون ومحاسبة المسؤولين عن الفساد وسوء الإدارة الذي أفضى إلى كوارث أخرى أيضا بما في ذلك الانهيار المالي في لبنان.
ويقول منتقدون إن النخبة السياسية تستخدم نفوذها لعرقلة أي محاولة لوضع سابقة لمحاسبة المسؤولين، وتريد دفن أي تدقيق في إدارة المرفأ، وهو نموذج مصغر للنظام الطائفي الذي يقسم الموارد العامة لخدمة مصالح اللاعبين الرئيسيين وليس الدولة.
قد تتضرر أكثر علاقات بيروت المتوترة بالفعل مع الحكومات الغربية، والتي يمكن أن تكون مساعدتها حيوية لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية، وذلك إذا تم نسف التحقيق.