“الهروب الكبير” يعيد قضية الأسرى الفلسطينيين للواجهة في 2021
شكل فرار 6 أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع الإسرائيلي في الـ 6 من سبتمبر الماضي نقلة نوعية على صعيد الأسرى.
ويقول مختصون في شؤون الأسرى إن تلك العملية شكلت رافعة معنوية للأسرى الفلسطينيين، وأعادت قضيتهم للواجهة من جديد، في الوقت ذاته أسفرت عن تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في عمليات التنكيل بالأسرى.
ويرى المختصون أن تلك العملية والتي أطلق عيلها “الهروب الكبير”، تشكل أبرز معلم للعام 2021 على مستوى القضية الفلسطينية عامة وقضية الأسرى خاصة.
في الـ6 من سبتمبر الماضي تمكن محمود العارضة، ويعقوب قادري، وأيهم كممجي، ونضال انفعيات، ومحمد العارضة، وجميعهم من حركة الجهاد الإسلامي، إلى جانب زكريا الزبيدي، القائد السابق لكتائب شهداء الأقصى المحسوبة على حركة “فتح”، من الفرار من سجن “جلبوع” بجنوب إسرائيل، عبر نفق حفروه أسفل سجنهم.
وبحسب شهادات الأسرى، التي أدلوا بها لمحاميهم، الذين التقوا بهم عقب إعادة اعتقالهم، فقد استمر العمل في النفق، نحو 10 أشهر، وسط تكتم شديد، رغم صعوبة المهمة، في ظل الرقابة الإسرائيلية المشددة.
واستخدم الأسرى في عمليات الحفر المضنية، أواني المطبخ كأباريق الشاي، والقلايات والملاعق، ومقابض الأواني، وبعض الأخشاب.
وخلال شهور العمل العشرة، تخلص الأسرى من مخلفات النفق في دورات الصرف الصحي، وبراميل النفايات، على دفعات صغيرة.
وبحسب مصادر إعلامية إسرائيلية، فإن طول النفق يبلغ 35 مترا.
ووصفت وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي في إسرائيل العميلة بـ “الفشل الأمني” لمنظومة السجون الإسرائيلية.
ورغم استنفار إسرائيل كافة أجهزتها الأمنية، واستخدم كافة تقنياتها برا وجوا، تمكن الأسرى من الفرار لأيام والعيش بعيدا عن أعين الأمن الإسرائيلي، وحتى استطاع إثنان منهم الوصول لمدينة جنين بالضفة الغربية والعيش فيها.
ونقل الأسرى في شهاداتهم أنهم عاشوا أجمل أيام عمرهم، ناموا في سهول فلسطين التاريخية وتذوقوا ثمارا لم يذوقوها منذ ما يزيد عن 20 عاما، كالصبر والتين.
اعتقل مهندس الهروب محمود العارضة، ورفيقه يعقوب قادري يوم 10 سبتمبر بالقرب من مدينة الناصرة بشمال إسرائيل، فيما اعتقل محمد العارضة، وزكريا الزبيدي، قرب بلدة اكسال (شمال) بتاريخ 11 من الشهر ذاته.
وفي 19 سبتمبر، أعلنت إسرائيل اعتقال “كممجي”، و”نفيعات” خلال عملية مداهمة لمدينة جنين.
ومنذ إعادة اعتقال الأسرى الستة، نكلت إسرائيل بهم، وأخضعتهم للتحقيق، وعزلتهم في زنازين انفرادية.
لكن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أعلنت أن “أية عملية تبادل للأسرى مع الجانب الإسرائيلي سيكون الأسرى المعاد اعتقالهم على رأس قائمة المفرج عنهم”.
وتشهد السجون الإسرائيلية منذ عملية الفرار، تصعيدا خطيرا، وهجمة على المعتقلين الفلسطينيين، بحسب قدري أبو بكر، رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير.
وقال أبو بكر إن نجاح عملية الفرار دفعت إسرائيل لاتخاذ إجراءات قمعية بحق الأسرى، كاقتحام السجون، وتشديدات على عمليات الفورة (الفسحة)، ومراقبة الأسرى، وغيرها.
وأضاف أن “العام 2021 تميز بقدرة الأسير الفلسطيني على انتزاع حريته من السجون، وهو ما أثبته الأسرى الستة رغم إعادة اعتقالهم”.
وتابع “شكلت تلك العملية نقلة نوعية في قضية الأسرى وإعادتها للواجهة من جديد أمام الرأي العام الدولي”.
ولفت أن “الأسرى وبالرغم من حالة القمع والتنكيل التي يعيشونها إلا أنهم يتمتعون بمعنويات عالية جدا بعد نجاح زملائهم من الفرار عبر نفق حفروه بأدوات بسيطة”.
بدروه، يرى فؤاد الخفش، المختص في قضايا الأسرى، أن العملية مثلت اختراقا مهما وغير مسبوق في منظومة الأمن الإسرائيلية في أهم سجن محصن.
وقال: “بالرغم من الإجراءات الإسرائيلية في سجن جلبوع الذي يطلق عليه لقب (الخزنة)، وشيد ضمن مواصفات دولية، استطاع الأسرى الفرار، مما يؤشر على تفوق العقل والإرادة للمعتقل الفلسطيني”. مضيفا: “العملية إعادة الاعتبار لقضية الأسرى”.
وبحسب أماني سراحنة، مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني، تعتقل إسرائيل في سجونها 4550 فلسطينيا، بينهم 32 أسيرة، ونحو 170 قاصرا، ونحو 500 معتقل إداري، و550 معتقلا مريضا.
وذكرت أن من بين المعتقلين 25 معتقلا منذ ما قبل اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993.
وقالت إن السلطات الإسرائيلية نفذت منذ بداية 2021 وحتى نهاية نوفمبر الماضي 7500 حالة اعتقال، بينها 2000 حالة من فلسطيني 48 (داخل إسرائيل)، و1200 حالة لقاصرين، ونحو 1200 حالة اعتقال إداري، و150حالة لسيدات.
ولفتت أن السلطات الإسرائيلية تحرم الأسرى من الرعاية الطبية الحقيقية، الأمر الذي أسفر عن وفاة 72 أسيرا فلسطينيا منذ العام 1967.
وقالت إن “عدد المرضى في السجون يتزايد، ليصبح علاجهم موضوعا تخضعه إدارات السجون الإسرائيلية للمساومة والابتزاز والضّغط على المعتقلين”.
وأضافت “الشواهد أثبتت تغوّل مصلحة السجون الإسرائيلية، بما فيها من سجانين وطواقم طبية، في تكثيف الظروف التي تضاعف عذاب الأسير عند اشتداد مرضه، دافعين إياه إلى هاوية الموت المحقق”.