معاريف: مواقف الشيخ المؤيدة لتسوية الصراع سلمياً تقلص من فرص توليه مقاليد الأمور بعد عباس
جاكي حوجي – معاريف استضاف وزير الخارجية يائير لبيد يوم الاحد هذا الأسبوع مبعوثا كبيرا من السلطة الفلسطينية في منزله في تل ابيب . على الرغم من أن الاجتماع عقد في صالون منزل الوزير ، وفي أجواء ودية ، إلا أن الاجتماع كان له أهمية سياسية كبيرة على المدى البعيد . يبني الفلسطينيين على لبيد أن يقوم بالتقدم في المسار الفلسطيني عندما يصبح رئيسا للوزراء . من جانبه لا يرفض لبيد التقدم في هذه القناة ، ويؤسفه أن ذلك غير ممكن الان . حسين الشيخ هو نظيره في الطرف الثاني . مسؤول بارز جدا ، مقرب جدا من ابو مازن ، حل مكان صائب عريقات مفاوضا في الجوانب السياسية . الشيخ ابن ال 61 شغل منصب المسؤول من طرف السلطة الفلسطينية عن الاتصالات مع إسرائيل في الجانب المدني . منحه هذا المنصب خبرة واسعة و علاقات مع القيادات الإسرائيلية . يتحدث العبرية بطلاقة ، تربطه علاقات جيدة مع الضباط الكبار في الجيش الإسرائيلي ، ويتمتع بمعرفة واسعة عن الساحة السياسية الإسرائيلية الداخلية . مؤخرا قربه ابو مازن إليه أكثر ووضعه في موقع مريح للقفز على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، فعليا جعله في مقدمة السباق . اللاجئ من مخيم الجلزون هو اليوم أحد الشخصيات القوية في رام الله . لقاء ابو مازن مع جانتز في نهايات كانون الاول جرى هو الأخر في المنزل الخاص للوزير ، كان حسين الشيخ واحد من اثنان من المقربين اللذان اصطحبهما ابو مازن معه . لا يبالي الشارع الفلسطيني باكثريته بما يحصل في المقاطعة ، لكنه يعرف جيدا كيف يقرأ جيدا دلالات تقديم شخصية معينة إلى الأمام الشيخ هو شخصية معتدلة ، ينظر بازدراء لحماس ( وهو مكروه من قبلهم ) ، يعتقد أنه من الممكن تحقيق المكاسب عبر المفاوضات والاتصالات مع إسرائيل أكثر مما يمكن تحقيقه عبر استخدام العنف . هذه هي الشخصية المناسبة التي تحتاجها السلطة الفلسطينية ، في ظل حالتها المتداعية ، للاتصال بإسرائيل . في اسرائيل يعتقدون أنه من دواعي سرورهم التعامل مع غلام مثله ، وهناك من احبوا فكرة أن يكون بديلا للرئيس الطاعن في السن . من الخطأ تحديد مرشح من فوق رأس شعبه ، والخطا المضاعف أن نختار حسين الشيخ ، للأسباب التالية . ليس من عادة إسرائيل تتويج الملوك ، وبناءا على ذلك لن تقدم إسرائيل المساعدة له للوصول إلى هناك . تخصصت الولايات المتحدة بهذا النوع من الرياضة ، وفي أكثر الحالات فشلت في ذلك . سجلت فشلا ذريعا في العراق عندما حاولت ولم تنجح في تنصيب الجلبي قائدا للعراق في اليوم التالي لصدام . الجلبي رجل اقتصاد كان مقيما في لندن لسنوات طويلة وهناك أقام علاقات قوية مع الغرب . تحدث بلغتهم ، والأمريكيين اعتبروا ذلك ميزة بدلا أن يعتبروا ذلك هو المشكلة . صدقت إدارة بوش الابن الجلبي عندما ادعى أن في حوزة صدام حسين سلاح دمار شامل وخرجت لإسقاطه – لتكتشف لاحقا أن مزاعمه كانت من دون أي أساس . كانوا يعرفون أنه لا يتمتع بأي تأييد في الشارع وايضا لم يكن يتمتع بأي تجربة من اي نوع في الحكم ،لكنهم لم يدعوا الحقائق تثنيهم عن ذلك . حلمهم في إقامة ديمقراطية في العراق لم يتحقق حتى اليوم . لا يمكن أن تتحول حالة ديكتاتورية إلى ديمقراطية بين ليلة وضحاها ، والقائد الراسخ يجب أن يخرج من داخل مجتمعه لا أن يتم أنزاله بالمظلات من قبل الأجانب . ايضا لإسرائيل كانت هناك سقطات ، مع انها صغيرة ، لأن أهدافها كانت من البداية متواضعة . على امتداد عدة سنوات ، حتى تنحي حسني مبارك ، اعتقدت الجهات الأمنية في اسرائيل والقيادة السياسية كذلك أن ابنه جمال سيكون الرئيس القادم لمصر . كان هذا مفهوما خاطئا والذي بدأ يتشكل رويدا رويدا خلال الاتصالات مع القصر الجمهوري في مصر ، متجاهلا بشكل مستمر التغييرات في المجتمع المصري والتيارات العميقة والتي كانت جميعها واضحة للعيان . في الوقت الذي ادمنت فيه إسرائيل على مصدر واحد ، رسمي ، قام بتزويدها بمعلومات جزئية ، كان المتظاهرون يقومون بقطع الغصن الذي يجلس عليه أبناء مبارك وصولا إلى اندلاع موجة الغضب الكبيرة في كانون الثاني 2011. ايضا حسين الشيخ شأنه شأن الجلبي هو مقامرة مليئة بالمغامرة . خلفه هناك العديد من الفضائح العامة منها ما يتعلق بانتهاك الخصوصية الشخصية والتي يعرفها الجمهور الفلسطيني جيدا ويصعب عليهم قبولها . قيادة السلطة الفلسطينية ككل غير محبوبة من جمهورها وحسين الشيخ ممثل مخلص لهذا النفور . ينظر إليه وإلى شركاؤه في الشارع الفلسطيني باعتبارهم مجموعة متغطرسة ، كل واحد منهم يعمل لبيته قبل أن يعمل لصالح شعبه . سلطة ممثلوها لا يعرضون أنفسهم على الجمهور للانتخابات ، وبالتالي ، لايدينون لهم بأي شيء. تشهد استطلاعات الرأي العام على ذلك، والتي تظهر لعدة سنوات متتالية إلى أي حد ينفر الجمهور الفلسطيني من ممثليه ، وكيف سئم منهم ويتمنى رحيلهم . في العام الماضي تدهورت صورة السلطة الفلسطينية بشكل خطير بعد إلغاء الانتخابات . أعلن ابو مازن عن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية . ولكن قبل أن تبدأ اعمال الطواقم للتمهيد للانتخابات قام ابو مازن بالغاءها لأسباب غير مقنعة تتعلق بالتدخل الإسرائيلي . عندما فرض عقوبات مالية قاسية على قطاع غزة ألحق ضررا شديدا بالسكان الفقراء وليس فقط بخصومه الذين يكرههم في قيادة حماس . كان غضبه شديدا لدرجة أنه الحق الضرر بانصاره ، وهم موظفي فتح في القطاع ، الذين تخلى عنهم وتركهم خلفه وبالتالي تدفع لهم السلطة راتبا متواضعا فقط حتى يومنا هذا . كان حسين الشيخ هناك في جميع تقاطعات هذه القرارات ، قريبا من الرئيس ويهمس في أذنه . البقع العالقة في السلطة حول المستوى الأخلاقي المتدني ، غياب الكاريزما ،وخيانة مصالح المواطن البسيط التصقت به أيضا . أنه النقيض التام للقائد الشعبي ، ولم يكن لديه في يوم من الايام كتائب او دعم شعبي . على الرغم من كل ذلك فهو الآن العنوان الاول لإسرائيل ربما أكثر حتى من رئيس المخابرات العامة ماجد فرج . عندما تقرب إسرائيل شخصية غير مرغوبة عند جيرانها ، ايا كانت ، فهي تقول للجمهور الفلسطيني أن احتياجاتهم ومعاناتهم لا تهمها ، إنما فقط يعنيها من تشعر بالراحة في التواصل معه . لا احد يعرف ما هو الواقع الذي سيسود هنا في اليوم التالي لأبو مازن . ليس فقط من سيخلفه ، واذا كان سيكون قائدا واحدا مثل اليوم ، أو مجموعة صغيرة ستتقاسم السلطات بين أعضاءها . قيادة حماس لم تتخلى عن احتلال الضفة والقدس الشرقية من السلطة الفلسطينية ، وهي تنتظر هذه اللحظة وتستعد لها . ناهيك عن الاستطلاعات التي تتوقع على الدوام فوز الاسير مروان البرغوثي في حال إجراء انتخابات حرة . لا تستطيع إسرائيل ولا يجوز لها أن تبني على سياسي فلسطيني والإشارة إليه بينما يكتنف الواقع السياسي الغموض . يستمد حسين الشيخ اليوم سلطته من سيده ولا احد يعلم ما الذي سيبقى منها بعد ذهابه . سيكون مفاجئا اذا نجح في تجاوز كل المرشحين الاخرين و يتخطى كل العقبات ويصل إلى العرش الفارغ . لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة سيكون اذا راهنت إسرائيل عليه بالفعل في ظل حالة التداخل وعدم اليقين في خلافة ابو مازن في اليوم الذي يلي وفاته.