هآرتس: تقرير أمنستي صحيح و”إسرائيل” نظام “أبارتايد”
سلطت صحيفة “هآرتس” العبرية الضوء على تقرير منظمة العفو الدولية بشأن ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم ضد الإنسانية، والفصل العنصري بحق الفلسطينيين.
وفي مقال أوردته “هآرتس”، قال الكاتب الصحفي الشهير، جدعون ليفي، إن العنصرية المؤسساتية في إسرائيل في أوج قوتها، وإن الأخيرة تمارس سياسة ممنهجة للحفاظ على هيمنة السكان اليهود، مقابل تقليص عدد الفلسطينيين “داخل حدودها”.
وتحت عنوان “أخبروني ما هو غير الصحيح في تقرير العفو الدولية حول إسرائيل؟ “، تساءل ليفي قائلا: “أوليس ما يجري في الشيخ جراح أبارتيد؟ أوليس قانون الدولة القومية أبارتيد؟ وماذا عن حرمان العائلات من حق لم الشمل؟ وماذا عن القرى غير المعترف بوجودها؟ وماذا عن التهويد؟ هل يوجد مجال واحد، داخل إسرائيل أو في المناطق، تتحقق فيه المساواة الحقيقية والمطلقة، فيما عدا بالاسم؟”.
وشدد ليفي على أن إسرائيل هي أكبر محفز لمعاداة السامية في العالم، حين قال: “سيستمر العالم في توجيه الإهانات، ولسوف تستمر إسرائيل في تجاهلها. سوف يقول العالم أبارتيد، بينما تقول إسرائيل معاداة السامية. ولكن سوف تستمر الأدلة في التراكم. ما هو مكتوب في التقرير لم ينشأ من معاداة السامية، ولكنه سوف يعززها، فإسرائيل اليوم هي أكبر محفز على معاداة السامية في العالم”.
وتاليا نص مقال جدعون ليفي:
إذ تنخفض حدة اللعنات والصرخات التي تقول العفو الدولية معادية للسامية، والتقرير مليء بالأكاذيب، والمنهجية سخيفة – ينبغي على المرء أن يسأل: ما هو بالضبط غير الصحيح في تقرير الأبارتيد (الصادر عن المنظمة)؟
أولم تتأسس إسرائيل بوضوح على سياسة الحفاظ على هيمنة سكانية يهودية في نفس الوقت الذي يتم فيه تقليص عدد الفلسطينيين داخل حدودها؟ نعم أم لا؟ صواب أم خطأ؟ أوليست هذه السياسة مستمرة حتى هذا اليوم؟ نعم أم لا؟ صواب أم خطأ؟ أولا تحافظ إسرائيل على نظام قهر للفلسطينيين وتحكم بهم داخل إسرائيل وفي المناطق المحتلة لمنفعة اليهود الإسرائيليين؟ نعم أم لا؟ صواب أم خطأ؟ أولا تعكس قواعد الاشتباك مع الفلسطينيين سياسة إطلاق النار بقصد القتل أو على الأقل الإصابة بأذى؟ نعم أم لا؟ صواب أم خطأ؟ أوليس طرد الفلسطينيين من بيوتهم وحرمانهم من رخص البناء جزءاً من السياسة الإسرائيلية؟ نعم أم لا؟ صواب أم خطأ؟
أوليس ما يجري في الشيخ جراح أبارتيد؟ أوليس قانون الدولة القومية أبارتيد؟ وماذا عن حرمان العائلات من حق لم الشمل؟ وماذا عن القرى غير المعترف بوجودها؟ وماذا عن التهويد؟ هل يوجد مجال واحد، داخل إسرائيل أو في المناطق، تتحقق فيه المساواة الحقيقية والمطلقة، فيما عدا بالاسم؟
تسبب لك قراءة التقرير شعوراً باليأس. فهو ينطق بكل ما نعرفه ولكن بشكل مكثف. ومع ذلك لا يوجد داخل إسرائيل إحساس لا باليأس ولا بالأسى. معظم وسائل الإعلام همشته أو غضت عنه الطرف بينما راحت فرق الدعاية توجه له اللكمات تلو اللكمات. تلا وزير الدعاية يائير لابيد ما خط له من سطور ثم انطلق مهاجماً حتى قبل أن ينشر التقرير. وسرعان ما لحق به وزير شؤون الشتات نخمان شاي.
لم يولد بعد التقرير الدولي الذي تحجم إسرائيل عن التنديد به بينما تتفادى الرد عن أي من النقاط الواردة فيه. ها هي المنظمات الواحدة تلو الأخرى، وبعضها بالغ الأهمية ومشهود له بالنزاهة، تسمى ما يجري أبارتيد بينما تعتبر إسرائيل مواقف تلك المنظمات معاداة للسامية.
ما هو مكتوب في التقرير لم ينشأ من معاداة السامية، ولكنه سوف يعززها، فإسرائيل اليوم هي أكبر محفز على معاداة السامية في العالم.
أرجوكم، أثبتوا لنا أن منظمة العفو الدولية مخطئة، وبأنه لا يوجد نظامان قضائيان داخل المناطق، ومجموعتان مختلفتان من الحقوق، وصيغتان متباينتان لتوزيع الموارد. أثبتوا لنا أن شرعنة إفياتار ليست أبارتيد، وأن تمكن اليهود من ادعاء ملكية العقارات ما قبل 1948 بينما يحرم الفلسطينيون من نفس الحق ليس أبارتيد، وأن الحق في إقامة مستوطنة وارفة بجوار مجتمع من البدو لا يتوفر لديهم لا طاقة ولا مياه جارية ليس أبارتيد، وأن مواطني إسرائيل العرب لا يتم التمييز ضدهم بشكل منظم ومؤسسي، وأن الخط الأخضر لم يتم محوه تماماً. ما هو الذي ليس صواباً؟
حتى موردخاي كريمنتزر أرعبه التقرير فراح يهاجمه، وكان من الحجج التي أوردها ضده أن التقرير لا يميز بين المناطق المحتلة وإسرائيل، وأنه يتعامل مع الماضي كما لو كان هو الحاضر. وهذا ما يحدث عندما يتم استقطاب الأكاديميين اليساريين للدفاع عن الدعاية الصهيونية. لقد كتب في هآريتز يوم الأربعاء يقول إن اتهام إسرائيل بخطايا 1948 ونعتها بالأبارتيد يشبه اتهام الولايات المتحدة بممارسة الأبارتيد بسبب ماضي جيم كراو.
والفرق هو أن العنصرية المؤسساتية في الولايات المتحدة تختفي بالتدريج بينما هي حية وفي أوج قوتها داخل إسرائيل. كما أن الخط الأخضر تم مسحه تماماً، ومنذ زمن ونحن في دولة واحدة. لماذا إذن يتوجب على منظمة العفو الدولية أن تميز؟ فما حصل في 1948 مازال مستمراً. ومازالت النكبة مستمرة. ثمة خط مستقيم يربط بين الطنطورة وجلجيليا. في الطنطورة ارتكبوا مذبحة وفي جلجيليا تسببوا في وفاة رجل في الثمانين من عمره، وفي الحالتين لا قيمة لحياة الفلسطينيين.
وبالطبع لا توجد دعاية دون الاحتفاء بنظام العدالة. كتب كريمنتزر يقول: “المساهمة الهامة التي يقدمها المستشار القانوني للحكومة وتقدمها المحاكم، بالرغم من وقوف الغالبية السياسية في مواجهة ذلك، تمثلت في منع حظر المرشحين العرب وقوائمهم من الكنيست … أن ينضم حزب عربي إلى الائتلاف الحكومي يجعل من تهمة الأبارتيد مباشرة موضع سخرية”.
كم هو جيد أن يُشاد بالمحكمة العليا، التي لم تمنع وقوع ظلم واحد من مظالم الاحتلال، وكذلك بمنصور عباس لإثبات عدم وجود أبارتيد. أربع وسبعون سنة من عمر الدولة ولم تشيد مدينة عربية جديدة، ولم تقم جامعة عربية واحدة ولم تفتح محطة قطار واحدة في أي مدينة عربية، كل ذلك يتلاشى لصالح الإشادة بالمحكمة العليا، أعظم مبرر للاحتلال وغاسل لآثامه، ولصالح الإشادة بشريك عربي صغير في الائتلاف، حتى وإن كان يعتبر فاقداً للشرعية.
لسوف يستمر العالم في توجيه الإهانات، ولسوف تستمر إسرائيل في تجاهلها. سوف يقول العالم أبارتيد بينما تقول إسرائيل معاداة السامية. ولكن سوف تستمر الأدلة في التراكم. ما هو مكتوب في التقرير لم ينشأ من معاداة السامية، ولكنه سوف يعززها، فإسرائيل اليوم هي أكبر محفز على معاداة السامية في العالم.