اخبار

صحيفة عبرية تتحدث عن خلافة عباس وحرب غزة

كتب المحلل والكاتب الإسرائيلي “رون بن يشاي” يوم السبت، مقالاً في صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، تحدث فيه عن معركة الخلافة التي تدور في الساحة الفلسطينية فيما بعد الرئيس محمود عباس، بالإضافة إلى معركة جديدة ستقوم بها إسرائيل في غزة.

المحلل الإسرائيلي تحدث في مقاله الذي نشرته الصحيفة العبرية عبر موقعها الإلكتروني وهو بعنوان “بين معركة الخلافة الفلسطينية وحملة أخرى في غزة”، قائلاً: إنّ “القضايا الاقتصادية والجنائية احتلت مركز الصدارة في الأراضي الفلسطينية خلال الأسبوع الماضي ، حيثُّ وقعت أحداث وتطورات مهمة للغاية في السلطة الفلسطينية بعضها ايجابية جداً لإسرائيل، والتي لم تمتنع عن دفن يدها في القضايا”.

الجيش الإسرائيلي أيضاً، يقدر أن معارك الخلافة في اليوم التالي بعد وفاة أبو مازن يمكن أن تتحول إلى فوضى عنيفة وهجمات وعمليات صد قواته، لذلك تعمل إسرائيل على تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية، وتأمل في تشكيل القيادة المستقبلية دون مشاكل.

ثلاث أحداث تبدو سائدة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية تهم إسرائيل: الأول هو الجهد الاستراتيجي الذي تقوم به حماس لبناء نفسها كعامل سياسي مهيمن على الشارع الفلسطيني، حيثُ سعت الحركة إلى الاستيلاء وظيفيًا وسياسيًا على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي تعتبر القيادة التمثيلية الشرعية للشعب الفلسطيني بأكمله في الضفة وقطاع غزة والشتات، وتحد توحدت كل الفصائل.

أما الحدث الثاني الذي تحدث عنه المحلل الإسرائيلي “بن يشاي” في مقاله، هو ضعف الدعم الشعبي في السلطة الفلسطينية في عهد عباس، والذي أضعف قدرتها على الحكم وتحسين الوضع الاقتصادي وفرض القانون في الضفة الغربية، مما أدى إلى ضعف العمل للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية مقابل تقوية موقف حماس، بالإضافة إلى زيادة العمليات ضد إسرائيل والمستوطنين والجيش.

والحدث الثالث هو، استعداد القوى الفلسطينية في الضفة لليوم التالي لخروج الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن الساحة السياسية، وهو السيناريو الأسوأ الذي يقلق إسرائيل حيثُ ستتحول الساحة إلى فوضى عنيفة ستنتقل إلى إسرائيل وتعطل حياة المستوطنين.

وأكد الكاتب في مقاله، أنّ هذه الفوضى ستؤدي إلى زرع ضائقة اقتصادية بين الفلسطينيين وانهيار حركة فتح، وتحويل التنظيم إلى ميليشيات مسلحة تعمل بعنف لصالح القادة المحليين، وكل هذا سيسمح لحماس بالاستيلاء على السلطة وسيحبط في النهاية أي فرصة للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وأوضح، هناك سيناريوهات أقل سوءًا لما سيحدث في اليوم التالي للرئيس عباس، لكن كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بمساعدة جهاز الأمن العام والقوات المسلحة، توصلوا إلى استنتاج مفاده أن سيناريو الكابوس المذكور أعلاه معقول، لذلك يجب أن يكون كل شيء على ما يرام.

وشدد، أنّ نشاط إسرائيل تجاه اليوم التالي لعباس هو قيام الحكومة الإسرائيلية على هذه القضية من خلال قناتين: “الأولى هي تعزيز السلطة الفلسطينية من خلال خطوات مشتركة مع قيادتها لتحسين الوضع الاقتصادي ونوعية الحياة للفلسطينيين، ويُفترض أن الإنجازات المؤكدة في هذه المجالات ستزيد التأييد الشعبي لعباس وحكومته، وستكون حافزًا له ولأجهزته الأمنية لتشديد حكم فتح والسيطرة في الأماكن التي خففت فيها ، وخاصة في مخيمات اللاجئين والمؤسسات السياسية للحركة.

كما ستعمل على، تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي ليكون حافزاً للسكان العرب في الضفة، لكبح جماح العناصر المسلحة الحادة، التي ستحاول الاستيلاء على القيادة والمطالبة بنقل منظم للسلطة من سياسيي فتح، كما تريد إسرائيل تسخير إدارة بايدن والأوروبيين لهذا الجهد ، والاستجابة لهذا الأمر جيدة حتى الآن.

أما عن الأمر الثاني الذي تود إسرائيل أن تقوم به، وهو الأكثر أهمية لمنع الفوضى الدموية بعد عباس، هو إنتاج انتقال سلس لا يتزعزع للسلطة والقيادة من أبو مازن إلى اثنين أو ثلاثة من رفاقه، حيثّ يحمل أبو مازن ثلاث مباريات دولية يعتبر فيها ، على الأقل رسمياً، الزعيم الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني بأسره. هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حركة فتح.

فلا يوجد شخص واحد في السلطة الفلسطينية يمكن أن يخلف عباس، لهذا السبب يفكر كبار المسؤولين في إسرائيل وفتح في مجموعة قيادية ستقسم الأدوار بين الأعضاء دون صراع، فعباس ورث ياسر عرفات بسلاسة لذلك ، يفكر كبار أعضاء حكومة بينيت ومسؤولون أمنيون في إسرائيل ، إلى جانب شخصيات بارزة بفتح ، في مجموعة قيادية يتشارك أعضاؤها دون صعوبة في الأدوار التي يشغلها عباس حالياً، وسيعملون معاً بتعاون يسمح للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بالعمل وتعافي حركة فتح ، كل هذا على الأقل لفترة انتقالية.

وأضاف الكاتب في مقاله، “يبدو أن عباس يؤيد هذه الفكرة بشرط أن يكون خلفاؤه من أهل دينه لذلك ، تجري الآن تحركات واتصالات شخصية مختلفة، الغرض منها تحديد مكانة انطلاق جيدة وقوية للسباق ووضعها في صدارة العديد من الأشخاص من منطقته.

وشدد، كثيراً ما يرد في هذا السياق اسم حسين الشيخ وزير الشئون المدنية الذي يعتبر عباس رقم 2، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة، ولكن ليس نهائياً فهناك معارضة في السلطة الفلسطينية لتعيين الشيخ بعد شائعات عن سلوك جنسي غير شرعي قام به، لكن في النهاية ، يجب أن يتولى كل منهما يومًا ما بشكل قانوني وطبيعي واحداً على الأقل من الأدوار القيادية التي يشغلها عباس حالياً.

وأكمل، لا تستطيع إسرائيل أن تدعم علناً الشخصيات الفلسطينية التي تهتم بها، ودعم إسرائيل الصريح سيحولهم إلى مجذومين سياسيين في الشارع الفلسطيني، لذلك ، فإن معظم الاتصالات في الموضوع تتم من خلف الكواليس وتحت تغطية سياسية، وهي ليست خاطئة ولكنها ليست صحيحة.

خطوات عباس من أجل الخلافة

ويتحدث الكاتب الإسرائيلي، حول النبأ السار هو أنّ  جهود الحكومة الإسرائيلية في الضفة بدأت تؤتي النتائج المرجوة بفضل التعاون الفعال بالتنسيق الأمني الذي يعتبر مشبوهاً، بين الأمن الفلسطينية وجهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي، ولكن الأهم من ذلك، بفضل التحسن النسبي الذي تم الشعور به بالفعل في الوضع الاقتصادي ونوعية الحياة ، تعزز مكانة السلطة الفلسطينية وعباس في الشارع الفلسطيني، تمامًا مثل وزير الجيش غانتس وكبار حكومة بينيت وكبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، مطلوب ، بمن فيهم نائب رئيس الأركان هرتسلي هاليفي، العثور على دليل لحدوث تغيير جذري في الاتجاه باستطلاعات الرأي التي أجراها خبير استطلاعات الرأي الفلسطيني المخضرم خليل الشقاقي.

وأكد، بحسب الاستطلاعات ذاتها، بلغت شعبية حماس ذروتها في مايو 2021 ، أثناء معركتها مع إسرائيل، وكان الدعم الشعبي للسلطة الفلسطينية وحركة فتح عند مستوى غير مسبوق بين الفلسطينيين في ذلك الوقت، وبعد سبعة أشهر في ديسمبر 2021 ، تم تسجيل انعكاس على ذلك، حيثُ أعطت استطلاعات الرأي للسلطة الفلسطينية أفضلية طفيفة على حماس.

واستدرك بالقول، وبتشجيع من رد الفعل العنيف، أرسل عباس أجهزته الأمنية إلى عملية واسعة النطاق وإنفاذ القانون في الخليل وجنين، وكانت ناجحة وأبعدت مقاتلي حماس والحادين من فتح من كل مكان.

كما سجل أبو مازن وفتح انتعاشاً لافتاً في المجال السياسي، حيثُ صوّت المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي انعقد هذا الأسبوع على النحو الذي أراده عباس بالضبط، فالصراع على الخلافة لم ينته بعد، ولا تزال احتمالية حدوث فوضى فلسطينية عنيفة قائمة، والدليل على ذلك الجماعات التي تهزم نفسها وتخدم “الزعماء” المحليين الذين ما زالوا موجودين في صفوف كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة فتح.

ونوه، إلى أنّ إحدى هذه المجموعات المكونة من أعضاء “فتح” من نابلس، والتي أطلقت النار أربع مرات على مواقع وجنود الجيش الإسرائيلي، فيما قُتل هذا الأسبوع في عملية منفردة للجيش الإسرائيلي 3 منهم، وفي منتصف النهار بقلب نابلس.

الهدف الأساسي لحماس: التكثيف العسكري

في قطاع غزة ، اتضح أن عملية بناء الجدار قد حققت نتائج أفضل بكثير مما توقعه منتقدوها عند اكتمالها، في الأشهر الثمانية منذ ذلك الحين ، ساد هدوء نسبي، وعلى الرغم من وقوع عدة حوادث  بين فترة وأخرى، وقُتل في إحداها قناص من  الجيش “باريل شمويلي”، ولكن يتمتع السكان الإسرائيليين قرب حدود غزة في هذه الأثناء بفترة هدوء لم يعرفوها منذ سنوات طويلة.

أمّا عن يحيى السنوار، الذي كان يتفاخر كثيراً بـ “انتصاره” منذ انتهاء عملية حرب مايو، هادئاً حالياً، على ما يبدو ، أنه أدرك أخيرًا ما حدث لشعبه، ولم يستطع حقًا تسخير الفلسطينيين وداخل إسرائيل في صفه، مما لا شك فيه أنه رادع الآن ، لذلك اختارت حماس، على رأسه استراتيجية تهدف إلى تمكين سكان قطاع غزة والجناح العسكري لها من التعافي، بينما يحاول كبار مسؤولي حماس في تركيا ولبنان القيام بانتفاضة في الضفة.

كما تبادر إسرائيل وتتعاون مع جهود إعادة اعمار غزة وتحسين الوضع الاقتصادي ونوعية الحياة لساكنيها، لأنّ التحسن الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى تسوية تستمر عدة سنوات والتي ستوفر فترة راحة طويلة لكلا الجانبين.

لا أحد في الجانب الإسرائيلي لديه أي وهم، فحماس هي حماس كما يقولون، ولن تتخلى عن طموحها في محو إسرائيل من الخارطة وإقامة دولة فلسطينية مكانها، لكن “الهدنة” طويلة الأمد ممكنة بالتأكيد، فهذا هو السبب في أن التكثيف أصبح الآن الهدف الرئيسي للجناح العسكري لحركة حماس،  بجهود ووساطة مصرية وقطرية في قلب إدارة حماس، فهي تكافح من أجل ذلك، لأن معظم كبار السن في إنتاج وتطوير أسلحة القسام قتلوا في أحد أنفاق “المترو” التي قصفتها القوات الجوية الإسرائيلية بنجاح في معركة مايو 2021.

وألحق الجيش الإسرائيلي الضرر بمعظم منشآت الإنتاج والتطوير للأسلحة البحرية والجوية التي يمكن للمخابرات اكتشافها، والصواريخ الثقيلة وقذائف الهاون والشظايا والطائرات بدون طيار والطائرات الشراعية ، وفقاً للسياسة الجديدة، وتستغل أي انتهاك من التهدئة التي نشأت في قطاع غزة، خفيفة كانت أو شديدة ، من أجل تقويض البنية التحتية للقسام.

ومن المثير للاهتمام، أن المصريين أضروا بشكل قاتل بتطوير قدرات حماس من خلال تدمير كل الأنفاق، ويرى البعض أن عددًا محدودًا من الأنفاق الصغيرة لا يزال يستخدم لتهريب السجائر وما شابه.

الجيش الإسرائيلي يستعد لمعركة أخرى في قطاع غزة

ويقول الكاتب الإسرائيلي في مقاله الذي ترجمه “أمد للإعلام”، إنّ الجيش الإسرائيلي يحاول الوصول إلى تسوية طويلة الأمد مع حماس، وتحقيقا لهذه الغاية، رد جهاز الأمن العام على غانتس وسحب معارضته لدخول آلاف العمال الغزيين من قطاع غزة، ويبدو أنه طالما لا توجد صفقة أسرى بين حماس وإسرائيل، فلن يكون هناك انفراجة في التسوية من خلال الوساطة المصرية، فهناك من يعتقد أن الوقت قد حان للنظر في الخطوات التي لم نتخذها بشأن هذه القضية، لكن ليس من المؤكد أن هذا هو الوقت المناسب لذلك.

كما يمكن الاستنتاج أن الردع الذي حققه معركة مايو 2021، وصعوبات التصعيد التي تعاني منها حماس ، والضغط المصري والمال القطري ، تساهم في الهدوء المستمر حالياً في قطاع غزة ومحيطه، ولكن الجيش الإسرائيلي يعرف من التجربة أن التدهور في نظام غزة، يمكن أن يحدث في غضون ساعات، حتى لو لم ترغب حماس أو الجيش الإسرائيلي في ذلك ، على غرار سلسلة الأحداث التي أدت إلى حرب 2021، فإن الجيش يستعد باستمرار لمعركة أخرى في قطاع غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى