قرارا بمنع راشد الغنوشي من السفر .. تونس.. الكشف عن تورط شخصيات نافذة بالتجسس والتآمر
يواجه عدد من السياسيين والأمنيين والإعلاميين والشخصيات النافذة في تونس اتهامات متزايدة بالتجسس والتآمر على أمن الدولة، في قضايا متشعبة، لا تزال محلّ تحقيق من القضاء، ما يثير تساؤلات الارتباطات المحتملة للأطراف المتهمة.
ويأتي طرح هذا الملف بعد التطورات التي عرفتها قضية مؤسسة ”أنستالنغو“، لاسيما عقب مثول زعيم حركة ”النهضة“ الإسلامية راشد الغنوشي في 19 يوليو / تموز الجاري أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب فيما يعرف بجمعيّة ”نماء تونس“ حيث تلاحقه اتهامات بغسيل الأموال والتجسس وغيرها من التهم.
وحضر رفقة راشد الغنوشي أكثر من 15 محاميا أمام قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب المتعهد بالتحقيق في القضية، والذي أصدر قرارا بمنع السفر على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إثر استنطاقه والإبقاء عليه بحالة سراح.
أنستالنغو“ تطيح بسياسيين وأمنيين
وتعتبر قضية مؤسسة ”أنستالينغو“ وما تشهده من تطورات على مستوى عدد الأطراف الموقوفة والحقائق التي يتم إثارتها من أهم القضايا المثيرة للجدل في الساحة القضائية لما تضمنته من تهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة والتخابر مع جهات أجنبية، حيث أطاحت هذه القضية بسياسيين من حركة ”النهضة“ مثل عادل الدعداع القيادي بالحركة وقيادات أمنية محسوبة عليها.
ويحقق القضاء التونسي مع عناصر من ”أنستالينغو“ بتهمة التجسس تحت غطاء مؤسسة تجارية قانونية تعمل في مجال المحتوى الإعلامي الرقمي وتقدم صناعات ذات طبيعة رقمية كترجمة المقالات التي تنتجها وسائل إعلام دولية معروفة وهي تتعامل في نطاق عملها مع عدة دول.
وأفاد مصدر قضائي لـ ”إرم نيوز“ بأن عدد مذكرات الإيداع بالسجن بلغت 13 مذكرة إيداع نفذت منها 10 مذكرات فقط ولا تزال 3 مذكرات سارية وشملت التحقيقات 33 شخصا.
وبخصوص التهم التي نسبت للمتهمين فهي ارتكاب جرائم تتعلق بغسيل أموال وذلك من خلال ”تكوين وفاق إجرامي واستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص الوظيف والوسط المهني والاجتماعي“.
ووجهت للناشطين في المؤسسة تهم تتعلق بـ ”الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض وإثارة الهرج والقتل والثلب بالتراب التونسي وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والاعتداء على أمن الدولة الخارجي ومحاولة المس من سلامة التراب التونسي“.
وأكد المصدر أن التحقيقات في قضية ”أنتسالنغو“ تشمل صحفيين وسياسيين منتمين لحركة النهضة منهم عادل الدعداع وقيادات أمنية منها الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سابقا محمد علي العروي، ومديرون سابقون في وزارة الداخلية.
وفي السياق، كشف الناطق باسم الأمانة العامة لقوات الأمن الداخلي معز الدبابي في تصريح لـ ”إرم نيوز“ أن الوحدات الأمنية هي التي كشفت قضية ”أنستالينغو“ حيث انطلق العمل على الملف منذ سنة 2018 بشبهة وجود شركة تعمل في إطار التواصل على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي تحت غطاء شركة ذات صبغة إعلامية.
وأضاف الناطق باسم الأمانة العامة لقوات الأمن الداخلي أن الوحدات الأمنية تأكدت من وجود أطراف أجنبية على مستوى الشركة فتمت مراقبة نشاطات الشركة وطبيعتها ومسارها القانوني خاصة حين انطلقت حملات التشويه على رئيس الجمهورية وفق قوله.
وأشار معز الدبابي إلى أنه بالتنسيق مع النيابة العامة تم مداهمة الشركة والعثور على عدة تجهيزات إلكترونية وحواسيب تبين أن الشركة ارتكبت تجاوزات قانونية على مستوى التعامل مع أطراف أجنبية في إطار التخابر وعمليات التشوية التي يقف وراءها أطراف سياسية معينة.
وكشف القيادي الأمني أنّ التحقيقات الأمنية بينت أن الأشخاص الذين تجمعهم علاقة بالشركة لديها تمويلات كبيرة مع دول أجنبية وتم فتح تحقيق من أجل تكوين وفاق والتآمر على أمن الدولة والتعامل مع جهات أجنبية وتهم أخرى.
وأكد معز الدبابي أن القوات الأمنية قامت بدورها بالتنسيق مع النيابة العامة وأنه ليس هناك أي قرار سياسي يقف وراء عمليات التوقيف التي شملت أيضا قيادات أمنية، وفق تأكيده.
اتهامات التجسس
من جانبها، كشفت هيئة الدفاع عن السياسيين التونسييْن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، لـ“إرم نيوز“ أنها تستعد لكشف حقائق جديدة بهذا الخصوص، خلال الأيام القليلة القادمة.
وشددت على أنها لا تتهم أحدا بالباطل، وأنها تملك أدلة موثقة ومصورة حول تورط حركة النهضة في جرائم خطيرة، تتعلق أساسا بالتجسس و التآمر على أمن الدولة التونسية.
وكشفت الهيئة في إحدى ندوتها الصحفية (شهر فبراير / شباط 2022) بعنوان ”الجهاز السري المالي لراشد الغنوشي والسقوط المدوي للحماية القضائية“ أن أعضاء في جمعية ”نماء تونس“ كانوا على علاقة مباشرة برئيس ”النهضة“ راشد الغنوشي.
واتهمت هيئة الدفاع جمعية ”نماء تونس“ بتلقي مبالغ مالية تضخ مباشرة من حسابات من دولة أجنبية حولت مئات المليارات لحركة ”النهضة“ عبر هذه الجمعية وغيرها منذ 2013 إلى اليوم حتى تقوم بالتجسس لصالحها“ وفق قولها.
كما اتهمت هيئة الدفاع راشد الغنوشي وابنه معاذ الغنوشي بالتنصت على سياسيين وأمنيين وقضاة بالتعاون مع إحدى شركات الاتصال وذلك بتواطؤ مع مسؤول مهم في هذه الشركة الذي كلف فريقا تقنيا بالتجسس لصالحهم، وفق تعبيرها.
وأكدت هيئة الدفاع أن المحكمة العسكرية فتحت تحقيقا بحق راشد الغنوشي إلى جانب قضاة ومسؤولين في وزارة الداخلية على خلفية جرائم ارتكبها تتعلق بالخيانة والتجسس ووضع النفس على ذمة دول أجنبية واستخلاص مبالغ مالية لقاء ذلك.
قضايا كبرى
وأكّد محسن النابتي، الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي في تصريح لـ ”إرم نيوز“ أن الملفات التي يتم التحقيق فيها الآن بخصوص جرائم الإرهاب وغسيل الأموال واختراق جهاز الدولة والجوسسة والاغتيالات والتسفير وتزوير الانتخابات والتمويل الخارجي كلها قضايا قديمة كانت مركونة في الرفوف في إطار التستر على الجرائم والإفلات من العقاب وفق قوله.
وأضاف محسن النابتي أن هذه القضايا ستستغرق أشهرا وسنوات نظرا لحجم الجرائم وتشعبها معربا عن الأمل في تحقيق تحول نوعي بخصوص قضايا الاغتيالات والإرهاب والتجسس، بحسب تعبيره.
ووصف محسن النابتي قضية ”أنستالغو“ بأنها في غاية الخطورة في علاقة بانتهاك الأمن القومي والجوسسة مشيرا إلى أنّ أطرافا خارجية تقف خلفها في انتظار استكمال التحقيقات.