الإعلان عن تحالف ثنائي بين “الجبهة” و”التجمع” والطيبي يهاجمه
قبيل الموعد النهائي لتقديم القوائم الانتخابية لانتخابات الكنيست الإسرائيلي، المحدد لليلة الخميس القادم، لم تنته “القائمة المشتركة” من ترتيب أوراقها الداخلية، وما زالت تشهد نقاشا فيها وحولها بما يهدد استمرارها بصيغتها الثلاثية.
وكانت “الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة” (الحزب الشيوعي الإسرائيلي)، و”حزب التجمع الوطني الديموقراطي” قد وقّعا اتفاقا ثنائيا لخوض الانتخابات الإسرائيلية بتحالف ثنائي، فيما بقيت “الحركة العربية للتغيير” برئاسة النائب أحمد الطيبي خارج هذا التحالف حاليا، فيما كانت “الجبهة” و”التجمع” قد وجها دعوة للطيبي للانضمام لتحالفهما.
وقع حزبا “التجمع الوطني الديمقراطي” و”الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” أمس الأول اتفاقا ثنائيا يقضي بخوضهما انتخابات الكنيست المقررة في الأول تشرين الثاني/ نوفمبر القادم بقائمة ثنائية. ووقع من جانب “التجمع” كل من نائب الأمين العام للحزب، يوسف طاطور، وعضو المكتب السياسي والنائب السابق، واصل طه، فيما وقع من جانب “الجبهة” كل من سكرتير الحزب، منصور دهامشة، والأمين العام لـ “الحزب الشيوعي الإسرائيلي” عادل عامر. وينص الاتفاق الثنائي على حصول “التجمع” على المقاعد الثاني والخامس والسابع والتاسع، وفي حال انضمام “العربية” للتغيير فسيحصل “التجمع” على المقاعد الثاني والسادس والتاسع.
“العربية للتغيير” ما زالت خارج التحالف
جاء الاتفاق بعدما اجتمع وفدان مفاوضان من الحزبين في الناصرة، وذلك استمرارا للمفاوضات الجارية بين الأحزاب العربية المركبة لـ “القائمة المشتركة”، والتي شهدت تجاذبات وتوترات وتصريحات مناوئة بين مركبات “القائمة المشتركة”. يشار إلى أن “القائمة المشتركة” تأسست عام 2015، بعد رفع نسبة الحسم مما دفع الأحزاب العربية لتشكيل قائمة تحالفية كانت أكثر إجرائية، وبقيت دون رؤية جماعية وبرنامج عمل متفّق عليه. وانقسمت “المشتركة” مرتين، وفي المرة الأخيرة انفصلت عنها “القائمة العربية الموحدة” برئاسة منصور عباس، وشبح الانقسام يحوم حولها مجددا، رغم الترجيحات بأن “العربية للتغيير” برئاسة الطيبي لا تملك خيارا إلا الانضمام، لأن “الموحدة” غير راغبة بتحالفات، وليس بوسع “العربية للتغيير” خوض الانتخابات وحدها بسبب نسبة الحسم العالية (3.25%).
وتوصل “الجبهة” و”التجمع” لتفاهمات سياسية، من ضمنها عدم دخول أي ائتلاف إسرائيلي حاكم، وفقًا لبند الكتلة البرلمانية في نص الاتفاقية: “الكتلة البرلمانية ليست جزءًا من المعسكرات المنافسة على سدة الحكم، وتمارس الكتلة دورها البرلماني المعارض، وتسعى لإلقاء وزنها في سبيل تحقيق مكاسب، دون أي مقايضة على مواقفها السياسية، بأي حال من الأحوال، إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر، وبما ينقض الأسس السياسية المُتفق عليها”.
“الجبهة الديمقراطية” تقر الاتفاق مع التجمع وتواصل مسعاها لاستمرار “القائمة المشتركة”
وأقر اجتماع مشترك للسكرتارية القطرية لـ “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة”، واللجنة المركزية لـ “الحزب الشيوعي الإسرائيلي”، يوم أمس السبت، اتفاق المبادئ الذي تم التوقيع عليه مع “التجمع الوطني الديمقراطي”، كخطوة في سبيل إعادة بناء “القائمة المشتركة”، وأكد القرار استمرار جهود “الجبهة” لاستكمال بناء “القائمة المشتركة”، مع “الحركة العربية للتغيير”.
وحسب بيان “الجبهة” و”الحزب الشيوعي” فقد استمع المجتمعون إلى تقارير عن تطورات الأيام الأخيرة، قدمها سكرتير “الجبهة الديمقراطية” منصور دهامشة، ورئيس طاقم المفاوضات عن “الجبهة” رامز جرايسي، السكرتير العام لـ “الحزب الشيوعي الإسرائيلي” عادل عامر. وأكد الاجتماع على أن الاتفاق السياسي الموقع هو تعبير عن القضايا المركزية التي تناضل لأجلها “الجبهة” على مر عشرات السنين، في مواجهة سياسات الحرب والاحتلال والاستيطان، والسياسات العنصرية على جميع أشكالها، وبشكل خاص العنصرية الجوهرية ضد الجماهير العربية. كما أن الاتفاق ارتكز إلى تلخيصات “الجبهة” و”الحزب الشيوعي” للمجريات السياسية في السنوات الثلاث الأخيرة، التي تخللتها أربع جولات انتخابية.
الورقة الحاسمة بيد العرب
وفي تلميح لخيار التوصية على مرشح إسرائيلي لتشكيل حكومة جديدة، وبما يختلف عن روح الاتفاق الثنائي مع “التجمع الوطني الديموقراطي” في هذا المضمار تابع البيان: “تشدد الجبهة، على أن مهمتها هي مواصلة السعي لإلقاء وزنها، ووزن الكتلة البرلمانية التي ستفرزها الانتخابات، للضغط من أجل تغيير الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي القائم، وأولها حل القضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، والتوصل إلى سلام شامل، وإنهاء كل أشكال العنصرية المؤسساتية الإسرائيلية. يشار إلى أن كافة استطلاعات الرأي في إسرائيل تعكس حالة تعادل بين المعسكرين الصهيونيين المتنافسين على السلطة دون نجاح أي منهما بتشكيل حكومة جديدة إلا بدعم النواب العرب، وهناك فرصة مفتوحة لأن تتجه دولة الاحتلال لانتخابات سادسة واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي فيها. ولا يختلف موقف معظم الأحزاب الصهيونية عن بعضها البعض من القضية الفلسطينية، والخلاف يدور حول الكراسي وحول شخصية نتنياهو المتهم بتهم فساد، وهناك كتل يمينية متطرفة تعارضه وتشارك في المعسكر المنافس له.
كما قال البيان إن “الجبهة” إذ تثني على تجاوب “التجمع” للتوصل إلى اتفاق مبادئ، فإنها تواصل جهودها في الأيام المتبقية، لاستكمال إعادة بناء “القائمة المشتركة”، مع “الحركة العربية للتغيير”، وخلق أجواء سياسية إيجابية في الحملة الانتخابية، تساهم في رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي، ولدى القوى اليهودية الديمقراطية التقدمية، التي تدعم “الجبهة” تقليديا، ومن ثم “القائمة المشتركة”. وجاء في البيان أيضا أن “الجبهة” ستواصل مسعاها لبناء أوسع تحالف تقدمي عربي- يهودي، لصد الفاشية وتغلغلها في مركز الحكم في إسرائيل، ومناهضة سياسات الفصل العنصري، والتصدي لتقويض الديمقراطية.
المعركة لمواجهة الجريمة
وبحث الاجتماع قضية استفحال الجريمة في المجتمع العربي داخل أراضي 48، حيث تؤكد إحصائيات الرعب أن حجم الجرائم لم يتراجع، وأنه ما زال على مستوى العامين الماضيين، ما يؤكد أن الحكومة لا تقوم بواجبها للجم الجريمة وملاحقة أوكارها وجمع السلاح. ودعت “الجبهة” و”الحزب الشيوعي” إلى تصعيد المعركة الشعبية، من أجل الضغط على الحكومة وأجهزتها للقيام بدورها، وهذه المعركة تحتاج الى أوسع وحدة كفاحية شعبية.
دعوة لأوسع تحالف وطني لخوض الانتخابات
تزامناً، اجتمعت اللجنة المركزية لـ “التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ” وبدأ الاجتماع باستنكار جرائم العنف والجريمة، التي شهدت خلال الأسبوعين الأخيرين ارتفاعًا كبيرًا، وحصدت أرواحا عزيزة وغالية. وأكدّت المركزية أنّ هذا الملف هو الأهم على جدول أعمال مجتمعنا وعملنا السياسي والحزبي، ويجب استمرار النضال من أجل تحقيق الأمن والأمان ومحاسبة المجرمين ومجموعات الإجرام في مجتمعنا. وصادقت مركزية “التجمّع” على الاتفاق الذي توصّل إليه وفدها المفاوض مع الجبهة، بعدما مناقشته بشكل موسّع.
واستعرض الوفد المفاوض لـ “التجمع” المبادئ السياسية التي تم الاتفاق عليها مع “الجبهة”، والتي تقضي بتشكيل رؤية وطنية متجددة تتوافق مع الثوابت الوطنية روح وطرح وخط التجمّع السياسي، كما أثنى الوفد على موقف الجبهة المتقدم والمسؤول الذي أوصلنا إلى اتفاق سياسي وانتخابي مشرّف يؤسس لمرحلة سياسية أخرى ترتكز على برنامج سياسي واضح ومتبلور وشراكة سياسية وطنية حقيقية.
ودعت اللجنة المركزية لـ “التجمّع” إلى أوسع تحالف انتخابي مبدئي لخوض الانتخابات المقبلة يشمل “الحركة العربية للتغيير”. وترى مركزية “التجمع” أهمية لأوسع شراكة وفقًا للأسس السياسية والمبدئية للاتفاق الثنائي بين “التجمع” و”الجبهة”. ودعت المركزية إلى التجنّد الكامل واستنهاض الفروع والكوادر للعمل على رفع نسبة التصويت وتعزيز قوة وتمثيل التحالف الذي سيخوض التجمع فيه الانتخابات، كما إعادة الأمل والثقة بيننا وبين أهلنا وناسنا، ففي هذه الفترة العصيبة نرى أولوية لتضافر وتوحيد الجهود من أجل مصلحة وحقوق شعبنا الوطنيّة والمدنية.
وأبدت “الحركة العربية للتغيير”، برئاسة النائب أحمد الطيبي، امتعاضها لما أسمته “تغليب المصالح الضيقة وخيانة الوعود والعهود”. وجاء في بيانها الغاضب: “أمام المسؤولية التي نتحلى بها منذ الإعلان عن حل الكنيست والسعي للحفاظ على “القائمة المشتركة”، ورفع نسبة التصويت والحفاظ على التمثيل العربي، نجابه بمحاصصة مقيتة وغدر وطعن في الظهر، ونترفّع عن الخوض في التفاصيل حاليا”. وأضاف البيان: “نحمّل المسؤولية عمّا قد تفرزه الأيام القادمة من تحالفات ونتائج الانتخابات القادمة لمن يسعى لإقصاء “العربية للتغيير”، وكل الخيارات مطروحة”.
وختم: “لو كنّا نعرف أن “عودة الصوت الوطني” تمر من خلال تبديل المقعد الثالث بالثاني، لكنا قد بادرنا بذلك منذ بداية المعركة الانتخابية وانطلقنا في معركة رفع نسبة التصويت”.
عوامل مقاطعة العرب لانتخابات الكنيست
ويأتي كل ذلك وسط عزوف غير مسبوق لفلسطينيي الداخل عن المشاركة في التصويت للكنيست، حيث تظهر استطلاعات متتالية أن نسبة المشاركين العرب فيها هذه المرة ستنخفض دون الـ 40%. وهناك عدة عوامل تدفع أصحاب حق الاقتراع العرب (15%) للتصريح بأنهم لن يشاركون بانتخابات الكنيست، في الفاتح من نوفمبر القادم، منها السأم والملل من الذهاب لصناديق الاقتراع خمس مرات في السنوات الأربع الأخيرة، علامات السؤال الكثيرة التي تحوم حول جدوى العمل البرلماني العربي من ناحية خدمة الحقوق السياسية والمدنية، تفشي العنصرية والعنجهية الإسرائيلية في التعامل مع العرب، استشراء الجريمة في الشارع العربي، وغيرها من المشاكل والتحديات الكبيرة العالقة بدون حل، وفشل “القائمة الموحدة” وليس فقط “المشتركة” في التأثير على مجريات الأمور من هذه الناحية، ولذا فهناك رغبة لدى أوساط شعبية عربية بمعاقبة الأحزاب العريبة بالمقاطعة، احتجاجاً على قلة حيلتها وفشلها في وقف سفك الدم، فقد قتل منذ بدء العام سبعون شخصاً، بعضهم مارة وأبرياء ونساء وأطفال وصحفيون. يضاف إلى ذلك عوامل أخرى تتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية الجارية ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في القدس، وهي مرشحة لتعميق العزوف العربي عن التصويت بحال تواصلت الانتهاكات، خاصة للحرم القدسي الشريف تزامنا مع الأعياد اليهودية في نهاية الشهر الجاري. وهناك تأثير سلبي دائم للتوترات والأزمات الأمنية على نسبة مشاركة العرب في الانتخابات الإسرائيلية كما تدلل التجارب. ومن ضمن الأمثلة البارزة على ذلك إحجام أغلبية أصحاب حق الاقتراع العرب عن المشاركة في انتخابات الكنيست عام 1996، التي تنافس فيها بالتزامن شيمون بيريز وبنيامين نتنياهو في انتخابات مباشرة تغلّب فيها الأخير على الأول بفارق ضئيل جدا نتيجة عدم مشاركة العرب عل خلفية ارتكاب بيريز مذبحة في قرية “قانا” اللبنانية خلال عملية “عناقيد الغضب” عشية تلك الانتخابات. وهناك أقل من 10% من أصحاب حق الاقتراع العرب يقاطعون انتخابات الكنيست لدواع مبدئية، خاصة جمهور الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيلياً بقيادة الشيخ رائد صلاح وأنصار حركة “أبناء البلد”، وغيرها.