الأسير عدي القادري تعرف على طفله أبسم بعمر 3 سنوات
قبل يومين فقط، تمكن الأسير عدي تيسير القادري من رؤية طفله أبسم الذي أنجبته زوجته قبل 3 سنوات بعد اعتقاله، و هذه هي المأساة الكبيرة للزوجة الثلاثينية إيناس “أم قسم” التي روت “أنها أنجبت أطفالها الأربعة في غياب والدهم الذي لم يتوقف الاحتلال عن استهدافه، فكان أسيرًا ولم يفرح يومًا بولادة أي من أطفالنا بوجوده”.
وتضيف: “لا يوجد قانون في العالم يجيز هذا الظلم، فإلى متى سنبقى نعاني، والاحتلال يحرم أطفالنا من والدهم الذي تعرض للاعتقال عدة مرات، و أنجبت آخر أطفالي الذي حرم الاحتلال والده من زيارته ورؤيته إلا بعد 3 سنوات”.
ينحدر الأسير عدي من قرية بئر الباشا جنوب جنين، التي أبصر النور فيها قبل (31عامًا)، وسط أسرة مكونة من 14فردًا، لكنه بالنسبة لها وخاصةً لوالده السبعيني تيسير “أبو رجائي” الأقرب والمميز، بل إن الرجل العجوز يشعر – كما يعبر – “بألم كبير لأن الاحتلال لم يتوقف عن استهداف ابنه على مدار السنوات السابقة، لم يفرح بزفافه، و سرق الاحتلال فرحته بإنجاب الأطفال”.
تلقى عدي تعليمه في مدارس قريته حتى أنهى الثانوية العامة، لكنه قرر الانضمام لوالده والعمل معه في الأرض (الزراعة)، فقضى حياته بين أسرته، وأرضه، ثم منزله بعد زواجه، لكن الاحتلال لم يتركه بحاله – كما يقول والده – وبدأ بملاحقته، واعتقاله مرة تلو الأخرى.
يتذكر الوالد أبو رجائي أن الاعتقال الأول لنجله عدي في عام 2015، وقد عاشت العائلة لحظات وأيام من المعاناة خلال رحلة العذاب بين السجون حتى تحرر بعد نهاية محكوميته البالغة عام ونصف، ويقول والده: “لم نكد نفرح بحريته، و عودته إلينا حتى طارده الاحتلال عام 2017، وبعد معاناة وكمائن ومداهمات، اعتقل وحوكم لمدة عامين، وتحرر بعدما أنهى كامل محكوميته، لكن ما كدنا نفرح بحريته حتى بدأ الاحتلال بملاحقته مرة أخيرة”.
ويضيف: “تكررت عمليات دهم منازلنا بحثاً عنه، وعقاب الاحتلال طال جميع أفراد أسرتنا، تكسير وتدمير وتخريب طال حتى الحمامات، وخربوا كافة محتويات منازلنا”.
يكمل: “أصبحت عمليات المداهمة يومية، ويمارس الاحتلال علينا الضغوط والتهديدات وإرهاب الأطفال والنساء والضغط كي يسلم نفسه، حتى هددني ضابط المخابرات بتصفيته وإعدامه، وفي آخر مرة اتصل بي وقال “إذا لم يتم تسليم عدي، سوف نحضره لك جثة بكيس بلاستيكي”.
على مدار 4 شهور، استمر الاحتلال بملاحقة عدي حتى اعتقاله وزوجته حامل بتاريخ2/1/2019، ويقول والده: “لم يتوقف الاحتلال و عيونه عن رصده وملاحقته، حتى تمكنوا من اعتقاله في كمين من داخل كروم العنب في سهل قريب من قريتنا، وعشنا لعدة شهور كوابيس قلق وخوف على حياته في ظل انقطاع أخباره طوال مرحلة التحقيق”.
ويضيف: “عاقبنا الاحتلال في البداية بمنع زيارته، وبعدها تأجيل وتمديد توقيفه عدة مرات، حتى حوكم بالسجن الفعلي لمدة 4سنوات و غرامة مالية باهظة”.
ويكمل: “لم ينال الحكم من عزيمته و معنوياته، فقد اعتاد عدي على الاحتلال وسجونه، لكن ألمنا كان كبيراً لأنه ترك زوجته حامل وكان يتمنى أن يرى طفلها الرابع الذي ستنجبه وهو إلى جانبها، فأطفاله الثلاثة السابقون ولدوا خلال فترة اعتقاله”.
في غياب رفيق دربها، ما زالت الزوجة “أم قسم” صابرة وتكمل المشوار، ويقول والد زوجها: “رغم الحزن، فإن كنتي قوية ومتماسكة، وسلحها رب العالمين بالعزيمة والصبر، فهي تقوم بمسؤولية دور الأم والأب في وقت واحد برعاية وتربية أطفالها كما أحب و تمنى زوجها، الذي فرح رغم قيوده عندما شاهد آخر أطفاله يزوره بعد 3 سنوات من ولادته”.
أما أم قسم فقالت: “ما نعيشه مأساة وألم و وجع لا ينتهي، فكل يوم أطفالي يتساءلون متى سيعود والدنا، أحدثهم عنه وأروي قصصاً من حكاياته، لتبقى صوره الجميلة في مخيلتهم، فيزداد حبهم و اقترابهم منه على أمل اللقاء القريب، لأن السجن لن يغلق بابه على أحد”.
وتكمل: “دومًا تؤلمني كلمات طفلتي طيبة و هي تقول المنزل فارغ ولا يوجد نكهة للحياة، لأن والدنا خلف القضبان .. تؤلمني حتى أعجز عن إجابتها وكل ما أملكه هو الدعاء له بالصبر و القوة، والفرج القريب إن شاء الله”.