اخبار

خشية من اتساع اشتباكات نابلس لتشمل مدنًا أخرى في الضفة الغربية

تصاعد التوتر الداخلي في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة حيث دارت اشتباكات بالأسلحة النارية بين شبان فلسطينيين وعناصر الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وصولا إلى حالة من الفوضى المتزايدة يخشى أن تخرج عن السيطرة.

بسرعة انقلب الوضع في وسط المدينة رأسًا على عقب، فبعدما كانت الأسواق في الأيام الأخيرة تعج بالمتسوقين ما لبثت أن فرغت منهم صباح الثلاثاء بعد ليلة عصيبة على إثر اعتقال قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عنصرين من حركة حماس الإسلامية بينهم الناشط البارز مصعب اشتية.

أثار اعتقال اشتية وعماد طبيلة غضب الكثيرين في المدينة وخاصة أولئك الذين يتهمون السلطة الفلسطينية بأنها دمية في يد إسرائيل تحركها كما تشاء.

عقب عملية الاعتقال واندلاع الاشتباكات التي أسفرت عن قتيل شخص (53 عاما)، أصبح وسط المدينة حيث كان الشبان يلقون الحجارة في اتجاه مركبات مدرعة تابعة للسلطة الفلسطينية، منطقة مغلقة.

 

أشعل الشبان النيران في الشوارع كما سمعت أصوات طلقات نارية كثيفة في أنحاء المدينة تسببت بتهشيم نوافذ عدد من المباني القريبة.

وفي وقت لاحق الثلاثاء، انحسرت الاشتباكات قليلا قبل أن تلتقي وكالة فرانس برس عددًا من الشبان الذي تحدثوا إليها مفضلين عدم الكشف عن كامل هويتهم خوفا من المطاردة بسبب انتقادهم للسلطة التي يتزعمها الرئيس محمود عباس (87 عاما) وتشهد شعبيته تراجعا في الضفة الغربية.

يقول الشاب العشريني حمزة “التوتر مرده إلى اعتقال القوات الفلسطينية لمصعب اشتية، نستهدفهم لأنهم ينسقون مع قوات الاحتلال الإسرائيلي”.

ويشير صحافي فلسطيني وصل لتغطية الاشتباكات وسط نابلس أيضا إلى عوامل “أكثر عمقا” أدت إلى تأجيج أعمال العنف الثلاثاء.

بالنسبة للصحافي فإن الشبان يهاجمون السلطة ليس لأنهم على صلة بحركتي حماس أو الجهاد الإسلاميتين ولا لأنهم نشطاء في حركة فتح العلمانية التي يتزعمها الرئيس عباس، “هم شبان فلسطينيون، جزء من جيل جديد لا يخضع لأحد ولديه مشاعر غضب اتجاه إسرائيل والسلطة الفلسطينية”.

احتلت إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية في العام 1967.

– “أسد نابلس” –

شهدت مدن شمال الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة تصعيدا مطردا لأعمال العنف التي غالبا ما تندلع بين القوات الإسرائيلية ونشطاء أو مقاتلين فلسطينيين.

وفي موجة عنف بدأت في أواخر آذار/مارس، قُتل 20 شخصا غالبيتهم من المدنيين داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية المحتلة في هجمات نفذها فلسطينيون بعضهم من عرب إسرائيل (فلسطينيي الداخل)، وقتل ثلاثة من المهاجمين خلالها.

وكثفت القوات الإسرائيلية ردا على الهجمات عملياتها العسكرية في الضفة الغربية المحتلة حيث قتل أكثر من خمسين فلسطينيا بينهم نشطاء ومدنيون ومنهم الصحافية شيرين أبو عاقلة خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين، وهي معقل لفصائل فلسطينية مسلحة.

وقتل ضابط من القوات الإسرائيلية الخاصة خلال عملية في الضفة الغربية الأسبوع الماضي، كما قتل فلسطينيان في تبادل إطلاق نار قرب جنين.

ومن بين الفلسطينيين الذي قتلوا برصاص إسرائيلي إبراهيم النابلسي (18 عاما) الذي تحول منذ استهدافه في آب/أغسطس إلى بطل شعبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث أطلق عليه لقب “أسد نابلس”.

وعلقت صور إبراهيم ذو اللحية السوداء حاملا بندقيته في يده على أبواب المحال التجارية في أسواق نابلس أو ألصقت على الدراجات النارية التي تجوب شوارع المدينة.

تقول والدته هدى التي غطت رأسها بمنديل ناصع البياض وجلست محاطة بصور ابنها “كان إبراهيم لطيفا في طفولته”. وتضيف “لقد أحب التصميم” الغرافيكي.

وتستدرك “الظلم الذي عايشه أوصله إلى هذه النتيجة التي هي عكس ما أحب”.

ويرى والده علاء أن العمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والتي لا هوادة فيها هي التي قادت الشبان الفلسطينيين إلى الشعور بأن السلطة الفلسطينية تخلت عنهم.

ويتابع “الجيل الشاب ليس مجنونا لكنه نشأ تحت الاحتلال، كل ما يعرفونه هو العمليات (العسكرية الإسرائيلية) والظلم وهذا ما أثار غضبهم الشديد”.

ويعتقد الأب في حديثه لفرانس برس أن “زيادة العمليات الإسرائيلية في جنين ونابلس تضعف السلطة الفلسطينية وتزيد من الفجوة بين السلطة والمواطنين” متجنبا توجيه اللوم مباشرة للرئيس عباس.

– ما بعد عباس –

لم يحدد المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية مباشرة سبب اعتقال اشتية وطبيلة.

وتحض إسرائيل السلطة الفلسطينية على اتخاذ إجراءات مشددة ضد نشطاء في الضفة الغربية.

الأسبوع الماضي وفي أعقاب مقتل فلسطينيَين وضابط إسرائيلي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد “لن نتردد في العمل في المكان الذي لا تحافظ السلطة الفلسطينية فيه على النظام”.

من جهته، كتب الصحافي ألون بن دافيد المختص بالشؤون الأمنية في صحيفة معاريف اليومية الإسرائيلية أن موجة العمليات العسكرية الإسرائيلية “تسببت بمزيد من التآكل لوضع السلطة الفلسطينية”.

ويضيف بن دافيد “منذ سنوات والمسؤولون الإسرائيليون يتحدثون عن الحاجة للاستعداد “لليوم الذي يلي أبو مازن (عباس) … لكن عمليا هذا الوضع قائم منذ اليوم” في إشارة إلى تضاؤل سلطة الرئيس الفلسطيني وتعاظم المعارك لخلافته.

ويتوقع الصحافي الإسرائيلي أن يفضي العنف الداخلي الفلسطيني والاستياء المستمر من إسرائيل إلى “انتفاضة فلسطينية ثالثة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى