اليسار الإسرائيلي يقود حملة غير مسبوقة ضد “عنف المستوطنين”
حذرت قيادات عسكرية إسرائيلية، من تنامي ظاهرة عنف المستوطنين بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وأكدوا في خطابات أرسلوها للمستويين السياسي والعسكري أن الأمر يشكل خطرًا يهدد الأمن القومي الإسرائيلي، وفق ما أوردته صحيفة “هآرتس” العبرية.
وتشهد إسرائيل في هذه الأيام تسليط الضوء بشكل غير مسبوق على ملف عنف المستوطنين اليهود بالضفة الغربية، لا سيما منذ أن وصف عضو الكنيست يائير غولان (حزب ميرتس) المستوطنين بأنهم “ليسوا من البشر”.
وشنت شخصيات إسرائيلية عامة، لا سيما من اليسار، هجومًا حادًا ضد المستوطنين، ووجهت إليهم اتهامات بممارسة أعمال عنف ممنهجة بحق الفلسطينيين بالأراضي المحتلة.
خطر أمني
وكشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، يوم الإثنين، النقاب عن توجه 3 من قادة الجيش المتقاعدين بخطابات إلى المؤسستين السياسية والعسكرية، تحذرهما من استمرار أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون، وأكدوا أن الأمر ”يهدد الأمن القومي الإسرائيلي”.
وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي في إسرائيل التحذير الذي أطلقه هؤلاء، وذكر حساب حركة “السلام الآن” الإسرائيلية اليسارية، أن قادة عسكريين من قيادة الجبهة المركزية، أكدوا أن “عنف المستوطنين المتطرفين الذي لم يعد يحتمل على الصعيد الأخلاقي، يزعزع الاستقرار بالأراضي المحتلة”.
وجاء في خطاب قادة الجيش الإسرائيلي أن الأمر “يمس بالأمن الإسرائيلي وبسلامة مواطني إسرائيل، ويضر بالمصالح الاستراتيجية للبلاد، على المستويين السياسي والعسكري، بدءا من رئيس الحكومة ومرورا بالوزراء، الاحتشاد من أجل الوقف الفوري والقاطع لهذا العنف، والتعامل بلا هوادة مع هذه الظاهرة”.
ونشر رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس الأركان الأسبق، إيهود باراك، تغريدة عبر حسابه على تويتر، جاء فيها أن “3 لواءات بالجيش من أبرز قيادات الجبهة المركزية، لن يعلمهم أحد، وهذا من علامات الوطنية، يطالبون بوقف عنف المستوطنين المتطرفين على الفور”.
وتابع أن عنف هؤلاء “يخرب بشدة المصالح الأمنية والسياسية لإسرائيل، وينسف القيم الأخلاقية، إنه نداء الواجب الذي أطلقه أناس طالما حاربوا ضد الإرهاب”.
وحدد الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، عبر حسابه على تويتر أسماء الضباط، وكتب: “إن عنف المستوطنين المتطرفين لا يغتفر على المستوى الأخلاقي، لأنه يزعزع الاستقرار بالأراضي المحتلة، ويمس بأمن إسرائيل ومواطنيها، ويضر بالمصالح الاستراتيجية في المنطقة وخارجها، وهذا ما يراه لواءات سابقون بقيادة الجبهة المركزية، وهم نيتسان ألون، وآفي مزراحي وغادي شامني”.
ليسوا بشرًا
يأتي هذا التطور على خلفية الاتهامات التي وجهها اليمين المتطرف لعضو الكنيست يائير غولان، نائب وزيرة الاقتصاد، عن حزب ”ميرتس“ اليساري، بعد أن وصف المستوطنين في بؤرة ”حومش“ الاستيطانية بأنهم ”دون البشر وصورة فاسدة للشعب اليهودي“.
وذكر غولان في حديث مع قناة الكنيست، الخميس الماضي، أن “هؤلاء الأشخاص الذين يأتون للاستيطان هناك (مستوطنة حومش)، ويقومون بأعمال شغب في قرية (برقة) الفلسطينية المتاخمة، ويحطمون شواهد القبور ليسوا بشرا.. إنهم ما دون البشر، أشخاص بغيضون لا ينبغي أن يحصلوا على أي دعم ويجب إخراجهم من هناك بالقوة”.
وتسبب وصف غولان في أزمة داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، ومنح رئيس الوزراء نفتالي بينيت غطاء للمستوطنين، وصرح عبر حسابه على تويتر، أن “كلمات يائير غولان بحق مستوطني (حومش) مفزعة وتنطوي على تعميم وتشبه فرية الدم”، كما وصف المستوطنين بأنهم ”الدرع الذي يحمينا جميعا”.
وعقب الجدل الذي تسبب به غولان بين المنتمين لليمين واليسار، اكتظت وسائل التواصل الاجتماعي بالتغريدات الداعمة، التي أظهرت وجود تيار كبير تقوده شخصيات ومنظمات يسارية لديها نظرة مماثلة لتلك التي عبر عنها عضو الكنيست اليساري.
سرقة الأرض
وقالت رئيسة حزب “ميرتس” السابقة، زيهافا غلاؤون، عبر حسابها على تويتر، إن “عنف المستوطنين الذين وصفهم بينيت بأنهم الدرع الذي يحمينا جميعا، يحمل هدفا استراتيجيا: حرق الأشجار والحقول، وضرب المزارعين الذين يقلمون الأرض لإجبارهم على هجرها”.
وأضافت: “بعد هجر الأرض، تقوم الإدارة المدنية بإعلانها كأراضي دولة، وتنقل ملكيتها لهؤلاء المستوطنين، وهكذا دونم آخر محترق، وماعز أخرى مذبوحة، وتوسع في سرقة أراضٍ، تلك هي القصة”.
وكتب الناشط الإسرائيلي حاييم شفيلي: “بينيت كرئيس سابق للمجلس الاستيطاني المجمع (ييشاع) يطلق على سارقي الأراضي ومجرمي الحرب المستوطنين لقب الدرع الذي يحمينا جميعا؛ لأنه يعتبرهم ميليشيا مسلحة تحمي الأرض وهذه جريمة حرب، أم لعلهم درع بشري وهذه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية”.
سجل إجرامي
ونشرت الناشطة الإسرائيلية ليمور مويال، فيديو يظهر قيام مستوطنين بدهس قطيع من الأغنام التي تعود لمزارعين فلسطينيين، وكتبت: “إذا لم يكن هذا من فعل من هم ليسوا بشرا، إذًا ماذا يكون؟، كفى لجرائم الاحتلال، ينبغي وضع حد لظاهرة عنف المستوطنين”.
وأوضح حساب يخص منظمة إسرائيلية حقوقية تسمى “أمهات ضد العنف“” أنه يتحتم إلقاء القبض على المستوطنين الذين يرتكبون العنف ومحاكمتهم كمجرمين، وعمل سجل إجرامي لهم، وحظر عملهم في أية مؤسسة تعليمية أو أمنية أو منصب حكومي، ومنعهم من حمل أية أسلحة، ولا سيما الأسلحة الأوتوماتيكية”.