(10) توصيات لمواجهتها معهد: مخاطر استراتيجية تحتم على إسرائيل تغيير نظرتها لأمنها القومي
حذر تقرير صادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، من تحديات استراتيجية تواجه إسرائيل على الصعيد الأمني والعسكري خلال العام الجاري، داعيا إلى إحداث تغيير جذري في هذا الصدد.
وعرض تقرير المعهد الذي يعد من بين مؤسسات دعم صناعة القرار في الدولة العبرية، تحديات أساسية تتطلب إحداث تغيير استراتيجي في طريقة التفكير والتخطيط، تتعلق في المقام الأول بالملف الإيراني، فضلا عن الملف الفلسطيني، إضافة إلى الأزمات الداخلية.
وقال التقرير الذي نشره موقع ”نيوز 1“ العبري يوم السبت، إن ”إسرائيل عاشت فترة طويلة نسبيا من الهدوء على الصعيد العسكري، عدا عن جولات المواجهات العسكرية مع حركة حماس في قطاع غزة، ما مكنها من التطور وتعزيز قدراتها العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، الأمر الذي يشكل حجر الزاوية لمفهوم الردع الإسرائيلي مقابل من تعتبرهم أعداء“.
وفيما يتعلق بالمحيط الإقليمي لإسرائيل، صنف التقرير دولا بالشرق الأوسط على أنها ضمن دائرة المواجهة، تعاني أزمات، ومن حالة عدم استقرار داخلي ومن حالة اقتصادية متردية، وعلى النقيض تسعى دول أخرى بالمنطقة لبناء علاقات طبيعية مع إسرائيل والتسليم بوجودها والتعاون معها.
وامتلكت إسرائيل، وفق التقرير مجالا استراتيجيا مهما يسهم في تعزيز تأثيرها الإقليمي، على خلفية اتفاقات السلام الأخيرة، كما نجحت مسيرة تشكيل حكومة جديدة وإقرار الموازنة العامة للبلاد، بعد فترة ممتدة من غياب الاستقرار السياسي، ومن ثم، يعتقد أنه ينبغي استغلال هذا الوضع من أجل تغيير النظرة الاستراتيجية لمفهوم الأمن.
الخطر الإيراني
ويستند التقرير إلى رؤية كل من الاقتصادي الإسرائيلي، البروفيسور مانويل تراختنبيرغ، رئيس معهد بحوث الأمن القومي (INSS)، والعميد (احتياط) درور شالوم، الرئيس الأسبق لشعبة البحوث بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
وخلص إلى أن إسرائيل حاليا تقف أمام 3 تحديات أساسية وخطيرة، أولها ما يتعلق بإيران وثانيها يرتبط بالساحة الفلسطينية، وثالثها يخص الوضع الداخلي في البلاد.
وأشار الخبيران إلى أن إيران تبقى الخطر الخارجي الأكبر على إسرائيل، سواء بسعيها نحو السلاح النووي أو محاولاتها الإقليمية لنشر نفوذها، مشكلة خطرا عسكريا مباشرا يتمثل في مشاريع تحسين قدرات صواريخ منظمة ”حزب الله“ في لبنان على سبيل المثال.
ونبها إلى أن هذا الخطر يأتي في وقت تجد فيه إسرائيل صعوبة في المواجهة المنفردة لسلة من المخاطر، وتظل في حاجة للتنسيق مع واشنطن، سواء تم التوصل إلى اتفاق نووي أم لا.
الملف الفلسطيني
وذكر التقرير أن الساحة الفلسطينية تضع تهديدا خطيرا أمام إسرائيل بشأن هوية الدولة اليهودية الديمقراطية والوضع الإسرائيلي على الصعيد الدولي.
وحسب التقرير، تشهد الضفة الغربية وضعا أمنيا غير مستقر، مع أنه حتى الآن تحت السيطرة، بفضل العمليات المكثفة التي ينفذها الجيش و“الشاباك“ والتنسيق الأمني مع الأجهزة الفلسطينية.
واعتبر أن الخطر يكمن في حالة الضعف التي تضرب السلطة الفلسطينية، الأمر الذي قد ينذر بتفككها، وسط حالة من الإحباط المتزايد بين أبناء الجيل الفلسطيني الجديد، ما يدفع إسرائيل للانتقال إلى فكرة الدولة الواحدة، بينما تتزايد المخاوف من ملاحقتها أمام القضاء الدولي والنظر إليها كدولة ”أبرتهايد“.
ومضى التقرير بالقول، إن ”إسرائيل تواجه خطرا آخر من قطاع غزة، ومأزقا مستمرا منذ سنوات، بشأن كيفية التعاطي مع الحاجة الإنسانية الملحة للسكان هناك، وفي نفس الوقت منع التصعيد العسكري وغلق صفقة الأسرى والمفقودين، وكل ذلك مصحوب بضرورة منع زيادة القدرات العسكرية والسياسية لحركة حماس“.
أزمات داخلية
الخبيران الإسرائيليان أشارا أيضا إلى مدى خطورة الأزمات الداخلية في إسرائيل على أمنها القومي.
وحسب التقرير، هناك حالة من الاستقطاب والفوارق والتوتر والتطرف، وقال إن المجتمع يشهد تنامي شتى صور التنمر ”الفكري واللفظي والبدني“، كما يشهد فقدان الثقة في مؤسسات السلطة.
كما حذر التقرير من ثغرات كبيرة في مدى الجاهزية لمواجهة سيناريوهات حرب متزامنة على جبهات عدة، قد تخلف مصابين كثرا.
ونبه إلى غياب الفكر التكاملي المؤسسي الذي يمكنه معالجة جملة من القضايا ذات الصلة بالأمن القومي للبلاد، ومن ثم أصبحت إسرائيل مضطرة لمواجهة واقع عالمي وإقليمي متغير ومعقد، بينما جبهتها الداخلية ليست متماسكة.
وذهب إلى أن الأزمات الدولية التي تلقي بظلالها داخليا على إسرائيل ترتبط مثلا بالصراع الأمريكي مع الصين، وتزايد الأحداث ذات الصلة بأزمة المناخ، والأزمات الاقتصادية الدورية التي تضرب دول العالم، وتغير معايير محددة نظرا لجائحة كورونا، والمخاوف المتزايدة بشأن مصير الديمقراطيات الليبرالية.