معاريف: هل يحافظ عباس على حكومة بينيت أم يفككها ؟
بعد أن أعلن رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس عن تجميد عضويتها مؤقتا في حكومة الاحتلال، بدأت الأوساط الإسرائيلية تبحث في مستقبل سلوكه السياسي، وهل يتجه نحو تثبيت انسحابه من الائتلاف الحكومي، أم يبقى عليها خطوة شكلية رمزية، ليس أكثر.
في الوقت ذاته، تتحدث المحافل الحزبية الإسرائيلية أن عباس لديه تطلعات سياسية شخصية، ولذلك فهو لا يريد سقوط الحكومة، ولذلك جاء سلوكه الأخير بهدف استيعاب الضغوط التي مورست عليه من قبل جمهوره من فلسطينيي48، الأمر الذي يكشف عن تعقيد وضعه السياسي، نظرا لموقعه الفريد من نوعه، مما جعله يسجل سابقة تاريخية بدخول السياسة الإسرائيلية من أوسع أبوابها من خلال حزب عربي داخل ائتلاف يميني.
آنا بيرسكي الكاتبة الإسرائيلية بصحيفة “معاريف”، ذكرت في مقال أن “عباس يبدي قلقا حقيقيا مما تشهده قواعد الحركة الإسلامية التي يترأسها، أكثر مما يمارسه اليمين اليهودي من اعتداءات في المسجد الأقصى، ويخشى من النظر إليه من أنصاره بأنه “خائن”، مما يستدعي منه التوقف بشكل طارئ، وإعادة احتساب مسيرة حياته السياسية، دون أن يعني ذلك أنه سيجري إعادة تموضع، أو أن يسير في الاتجاه المعاكس”.
وأضافت أن “عباس منذ بداية مسيرته السياسية يتنقل من طريق إلى طريق، ويقوم باتخاذ جميع خطواته السياسية لما فيه مصلحته، وكل ذلك يأخذنا إلى أننا أمام تجميد مؤقت، وحتى إشعار آخر، رغم أنه جعل الائتلاف الحكومي يعيش في حالة توتر، وحرصت القائمة التي يقودها على الوصول بالتوتر نفسه إلى نقطة الغليان، من أجل التسبب بمعاناة التحالف، وفضحه، وربما تفكيكه”.
لم يعد سرا أن استقالة عيديت سيلمان من رئاسة الائتلاف الحكومي، وتزامنها مع اندلاع أحداث الأقصى، توجهت الأنظار الإسرائيلية إلى باقي أعضاء الائتلاف الذين باتوا يشعرون بالضياع، ويستعجلون في البحث عن خيارات لمخرج جيد، خشية أن يشهدوا حالة من تحقيق تأثير الدومينو، وإلا فإنهم سيجدون أنفسهم في حالة انهيار، لأن باقي أعضاء الائتلاف يشعرون بالخوف، ويعتبرون أن الوقت قد يضيع.
مع العلم أن الكنيست يعيش حالة من العطلة، وسيعود للالتئام أوائل أيار/ مايو، الأمر الذي دفع القائمة العربية الموحدة لإحراج الائتلاف من خلال تقديم التزام كتابي بالحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى، ووقف صلاة اليهود بالقرب منه، وإلا فإن القائمة ذاتها هي التي ستنهي حكومة بينيت- لابيد طريقها بسببها، لأنها تعلم ديناميكيات التحالف الحساسة الحرجة، وسط اعتقادات متزايدة بأنه ليس من المتوقع أن تستمر الحكومة لفترة طويلة.
اليوم من الواضح أننا أمام حكومة بدون أغلبية في الكنيست، ولا يوجد لدى التحالف حاليا أي حلول لإطلاق العنان لمزيد من التماسك، رغم أنه يسعى لإجراء عمليات الإنعاش التي قد تطيل عمر “الائتلاف المحتضر” لفترة أخرى من الزمن، وهذه الحقيقة معروفة أيضا لمنصور عباس، وهو يعلم تماما أنه سيكون العامل الأكثر قدرة على تفكيك حزمة التحالف الحكومي أو تفكيكه.
الخلاصة أنه في مثل هذه الحالة لدى عباس تفسير جاهز في جيبه، وسيعلنه عندما يأتي استحقاق الانتخابات المبكرة، لأنه سيظهر أمام جمهوره، ويعلن أنه قام بخطوة تاريخية تجاه الحكومة الحالية، وفي الوقت نفسه عدم التنازل عن مناصبه، ولم يتخل عن قيمه ومبادئه، وهذه معضلة مهمة تتمثل في كيفية تعاطي السياسيين العرب مع كيفية اندماجهم في أي ائتلاف حكومي إسرائيلي.