فعلته لإرضاء بايدن وتبرير القتل.. نيويورك تايمز: تقرير إسرائيل عن أبو عاقلة متأخر ولم تغير موقفها المبدئي
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقال رأي لسيرج شميمان، عضو هيئة التحرير في الصحيفة ومدير مكتبها السابق في القدس، قال فيه: “إن إسرائيل تستطيع عمل المزيد ومنع سقوط الضحايا المدنيين”.
وتابع: “بعد أربعة أشهر تقريبا على مقتل الصحافية الفلسطينية المعروفة شيرين أبو عاقلة، المواطنة الأمريكية في أثناء مداهمة في الصباح الباكر للجيش الإسرائيلي في جنين، اعترف الجيش الإسرائيلي أخيرا بأنها ماتت على الأرجح، عرضا، برصاصة إسرائيلية”. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية التي ضغطت على إسرائيل لإجراء تحقيق “نرحب بالمراجعة الإسرائيلية لهذا الحادث المؤسف”.
وقال الكاتب إنه “ليس من الواضح ما يمكن الترحيب به في إعلان 5 أيلول/سبتمبر، ومهما كانت الأسئلة الأوسع حول الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، فأي قوة مسلحة تعمل وسط مناطق سكنية مكتظة ملزمة بعمل كل شيء لتخفيف الضحايا بين المدنيين، كما تزعم إسرائيل أنها تفعله. وعليها إظهار أنها لا تتسامح مع أضرار يتسبب بها جنودها نتيجة لتصرفات طائشة”.
وفي هذه الحالة فاحتمال مقتل أبو عاقلة برصاص جندي إسرائيلي تم التحقق منه عبر تحقيقات مستقلة وروايات شهود عيان ولقطات فيديو، قامت بها نيويورك تايمز وسي أن أن وأسوسيتدبرس وواشنطن بوست ومجموعة التحقيقات الاستقصائية بيلنغكات ووزارة الخارجية نفسها.
وفي تحقيق استمر لشهر ونشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في 20 حزيران/يونيو جاء: “الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة أطلقت من مكان قريب من القافلة العسكرية الإسرائيلية وأطلقها على الأرجح جندي في وحدة نخبة”.
ويعلق الكاتب أن الجيش الإسرائيلي احتاج إلى 117 يوما لكي يتوصل إلى نفس النتيجة. ويبدو أن التحقيق الإسرائيلي كان من أجل تبرير إطلاق النار وتهدئة إدارة بايدن كما توقعت بعض التقارير الصحافية الإسرائيلية وليس الاعتراف بالخطأ الفظيع.
وبحسب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي فقد حصل “خطأ مدمر أثناء نشاط عملياتي لمنع الإرهاب الفلسطيني”.
وبحسب ضابط في الجيش فالجندي المرجح أنه أطلق الرصاصة كان ينظر من فتحة ضيقة لعربة عسكرية كانت تتعرض للنار.
وتوصل الجيش في نتيجته النهائية أن الجندي كان يعمل في منطقة تعرض فيها الجيش لنيران مسلحين فلسطينيين ولا يمكنها استبعاد أن قتل الصحافية ربما تسبب به رصاص فلسطيني. وقال إنه لن يحقق مع أي جندي متورط لعدم وجود شبهة جنحة جنائية.
ويرى الكاتب، أن الجيش الإسرائيلي لم يعترف حتى الآن بأن قتل صحافية كانت ترتدي سترة مكتوبا عليها “صحافة” وترتدي خوذة هو خرق خطير للطريقة التي يجب على جيش محتل التصرف بها. كما لم تظهر إسرائيل أية نية لتغيير الطريقة التي تتصرف فيها بالمناطق المحتلة.
وفي هذا الموضوع لم تفعل إسرائيل ما يكفي “رغم أنه لا نقاش في حق إسرائيل للدفاع عن مواطنيها ضد الإرهاب وأن الصحافيين والمدنيين يتعرضون لخطر القتل والجرح في المناطق الفلسطينية كما هو الحال في محاور الحرب الأخرى حول العالم”.
وأردف: “ولكن جيشا يعمل كقوة محتلة، كما هو حال إسرائيل عليه واجب خاص لمواجهة القسوة والفساد اللذين ينجمان عن احتلال لسكان معادين وعلى مدى سنين طويلة”.
ويقول الكاتب: “إن العملية التي قتلت فيها أبو عاقلة في 11 أيار/مايو هي واحدة من عدد لا يحصى من الغزوات المنتظمة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي وبشكل منتظم في الضفة الغربية وغزة من أجل إلقاء القبض على متشددين.
وكان الهدف في ذلك اليوم مخيما فلسطينيا حافلا بالمسلحين الذين نفذوا منه عمليات ضد إسرائيل. ولو لم تكن أبو عاقلة معروفة ولا تحمل الجنسية الأمريكية ولم يحدث غضب دولي لكانت وفاتها واحدة من الوفيات المجهولة للمدنيين نتيجة لهذه المداهمات.
وبحسب النشرية اليهودية الأمريكية “فورويرد”، فقد قتل أكثر من 43 فلسطينيا في الضفة الغربية و35 في غزة منذ مقتل أبو عاقلة، إلى جانب جرح المئات. ولا يعرف عدد المدنيين الذين وجدوا أنفسهم وسط إطلاق النار.
واختارت وزارة الخارجية الأمريكية قبول النتيجة الإسرائيلية وإن بقليل من التوبيخ، حيث قال نيد براس، المتحدث باسم الخارجية إن النتيجة تؤكد “أهمية المحاسبة كما في هذه الحالة، والسياسات والإجراءات لمنع حوادث مماثلة في المستقبل”، مضيفا أن وزارة الدفاع الإسرائيلية اعترفت بأهمية العمل على تخفيف الضرر عن المدنيين.
لكن اعتراف إسرائيل القليل والمتأخر يعطي انطباعا أنها مترددة بلوم الجنود على الإضرار بالمدنيين في أثناء نشاطاتها العسكرية في المناطق المحتلة.
وفي النهاية لا يغير التقرير موقف إسرائيل عن ذلك الذي أعلنت عنه قبل أشهر ولا يعالج التباينات بينه وما توصلت إليه تحقيقات سي أن أن ونيويورك تايمز وغيرهما من المراسلات الإعلامية والتي أكدت عدم وجود مسلحين فلسطينيين وقت إطلاق النار على أبو عاقلة.
ومن السهل على إسرائيل أن تنسب مقتل أي مدني إلى “ضباب الحرب” ولن يتغير هذا، يا للأسف إلا حين ينتهي النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.
وكانت أبو عاقلة تعرف هذا ولهذا خاطرت بحياتها للتحقيق في الوجه الحقيقي للحرب وحصيلتها.